[الاعتراضات]
  حكم تعيين الماء في الصلاة ونحوها، ولم يعتبر الثاني، وهو كونها عن النجس، فاعتُبِر الأول؛ لظهور اعتبار الشارع له والتفاته إليه، وأُلغي الثاني؛ لعدم اعتبار الشارع له. فتوهم من ذلك أن الوصف الذي اعتبره الشارع - وهو الطهارة للصلاة - مناسب للحكم، وهو تعيين الماء؛ لأن إلغاء ما لم يعتبره الشارع أصلا أنسب من إلغاء ما قد اعتبره، فتأمل ذلك! والله أعلم.
[الاعتراضات]
  (تنبيه(١) : وأما الاعتراضات) للقياس المشهورة المتداولة في ألسنة الأصوليين (فلا يليق إيرادها بهذا المختصر)؛ لما فيها من كثرة المباحث التي أكثرها من علم الجدل(٢)، الذي وضعه الجدليون باصطلاحهم، وله كتب غير كتب هذا الفن، (ومن أتقن ما سبق) من تفاصيل أركان القياس، وما يتصل بذلك من شرائطها، وتفطن لما تقدم من تحرير المسالك وتبييناتها (لم يحتج(٣) إلى ذكرها؛ إذ هي راجعة إلى منع(٤) أو معارضة(٥))؛ إذ المنازعة في كمال الشروط، وإلا لم تُسمع، فحينئذ مرجعها إلى إهمال شيء مما تقرر. (وإنما حررت) الاعتراضات (للمناظرة) بين الخصمين.
(١) الاعتراضات مذكورة فيما اطلعت عليه من نسخ المتن، وليس فيها هذا التنبيه، وهي في النسخة التي شرح عليها حابس والله أعلم. من خط السيد محمد بن مفضل.
(٢) في شرح حابس: فهي من علم الجدل، فينبغي أن تفرد بالنظر ولا تمتزج بالأصول التي مقصودها تذليل طرق الاجتهاد للمجتهدين. وقال الإمام الحسن #: لا ينبغي وصفها بقلة الجدوى؛ فإنه يدور على فهمها قطب التحقيق.
(٣) إلا الاستفسار - أي: طلب التفسير - فلا يؤول إلى شيء منها؛ لأنه طلب بيان معنى اللفظ الخفي في دليل المعلل، وذلك أمر خارج عما ذكر. شرح غاية.
(٤) أي: منع كون العلة ما ذكره القائس، أو منع وجودها في الأصل أو في الفرع، أو منع كون الحكم ما ذكره. حا.
(٥) بعلة أخرى يبرزها المعترض؛ وإذا لم ترجع إلى هذين النوعين لم تقبل. شرح غاية.
(*) وإلا لم تسمع؛ وذلك لأن غرض المستدل إثبات مدعاه بدليله، وذلك متوقف على صحة مقدماته ليصلح للشهادة، وعلى سلامته عن المعارض لتنفذ شهادته، فيثبت الحكم حينئذ. وغرض المعترض هدم شهادة دليل المستدل؛ وذلك بالقدح في صحته بمنع مقدمة من مقدماته، أو طلب الدليل عليها، أو هدم نفاذ شهادته بالمعارضة بما يقاومها، وبمنع ثبوت حكمها. فما لا يكون من القبيلين فلا تعلق له بمقصود الاعتراض، فلا يسمع ولا يعول عليه ولا يشتغل بالجواب عنه.