[مقدمة الشارح]
  المدقق، شيخ الإسلام، وعماد الأنام، المعروف في جميع الأزمان(١)، محمد بن يحيى بهران، الموسوم بـ «الكافل بنيل السؤول(٢) في علم الأصول»، مختصرًا(٣) من أجلِّ المختصرات، وأكمل المؤلفات، قد رتبه أحسن ترتيب(٤)، وقرَّبه أوجز تقريب، وسلك فيه محجَّة الإنصاف، وتَنَكَّب(٥) عن كاهل(٦) الاعتساف(٧)، تولى الله مكافأته، وأحسن في الدارين مجازاته(٨) - خَطَرَ(٩) ببالي أن أجمعَ عليه ما يجري مجرى الشرح؛ لتبيين معانيه، وتوضيحها لطالبيه، وأبذل المجهود في توضيحه، واستفرغ(١٠) الوسع(١١) في تحقيقه(١٢) وتنقيحه(١٣)، طالبًا من الله الودود(١٤) الغفور، أن يجعله تجارة لن تبور، وأن ينفع به الطالبين، ويغفر لي يوم الدين، إنه
(١) والأولى أن يقال: من فاق جميع الأقران، وساد كل الأعيان.
(*) لا يخفى ما في هذه السجعة من الركة، وكأنه اعتمد على القرينة العقلية في ذلك. ابن مفضل. وقيل: إن الألف واللام عوض عن المضاف إليه، أي: في زمنه. لكنه لا يخفى أنه لا يخرج بما ذكر من التأويل عن الركاكة.
(٢) الأمنية والطلبة. ح غ.
(٣) الأنسب رفعه على البدلية من «مختصر الشيخ». ونصبه على خبرية «كان» مقدرة، أو على الحال. ع.
(٤) الترتيب في اللغة: جعل كل شيء في مرتبته. وفي الاصطلاح: جعل الأشياء المتعددة بحيث يطلق على عليها اسم الواحد، ويكون لبعضها نسبة إلى بعض بالتقديم والتأخير.
(٥) يقال: تنكب عن الطريق، إذا عدل عنها.
(٦) الكاهل: مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق. م.
(٧) الاعتساف: افتعال من العسف، وهو الأخذ بغير دليل. والمتعسف في السير: الماشي على غير طريق.
(٨) الصواب: في الآخرة مجازاته، فلا يخفى ما في عبارته من الغفلة. كاتبه. وجه التشكيك[٠]: أن المكافأة من الله تعالى له في الدارين غير ممكنة؛ لأنه قد مات، وهذا دعاء له بعد موته، ويمكن أن يراد بالدارين: دار البرزخ ودار الآخرة، فتكون المكافأة فيهما، وحينئذٍ لا إشكال، فتأمل، والله أعلم.
[٠] «التشكيل» ظ.
(٩) جواب: «لما».
(١٠) أي: أبذل.
(١١) الطاقة.
(١٢) باعتبار المعنى.
(١٣) باعتبار الألفاظ.
(*) والتنقيح: هو التهذيب.
(١٤) فعول بمعنى مفعول من الود، بمعنى: مودود في قلوب أوليائه، أو فعول بمعنى: فاعل؛ أي: أنه يود عباده الصالحين، بمعنى يرضى عنهم.