الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الاعتراض الرابع]

صفحة 212 - الجزء 1

[الاعتراض الرابع]

  الاعتراض الرابع منع ثبوت الحكم في الأصل، وهو أن يمنع المعترض من ثبوت حكم الأصل مطلقا، أي: من غير تقسيم.

  احتراز مما بعد هذا. فيبطل بذلك استدلال المستدل بهذا القياس. ولا يكون هذا الاعتراض قطعا للمستدل بمجرده، وإنما ينقطع إذا عجز عن إثباته بالدليل، على الصحيح⁣(⁣١).

  مثاله: أن يقول المستدل على عدم قبول جلد الخنزير للدباغ⁣(⁣٢) بالقياس على جلد الكلب: جلد الخنزير لا يقبل الدباغ للنجاسة الغليظة كالكلب. فيقول المعترض: لا نسلم أن جلد الكلب لا يقبل الدباغ، أو: لِمَ قلت إن جلد الكلب لا يقبل الدباغ؟ فالمنع والمطالبة بالدليل واحد.

  وجوابه: بإقامة الدليل على ذلك. ثم للمعترض بعد أن أقام المستدل الدليل على صحة ما ادعاه أن يعترض ثانيًا، ولا ينقطع بمجرد إقامة الدليل؛ إذ لا يلزم من صورة الدليل صحَّتُه، فيطالب بصحته⁣(⁣٣)، والله أعلم.

  وهذا الاعتراض راجع إلى دعوى اختلال شرط.


(١) وذهب البعض إلى أن هذا المنع قطع للمستدل فلا يمكن من إثباته؛ لأنه انتقال إلى حكم آخر شرعي قدر الكلام فيه كالكلام في الأول، فقد ظفر السائل بأقصى مرامه. والصحيح أنه لا ينقطع إلا بالعجز عن إقامة الدليل، وكونه انتقل إلى حكم شرعي كالأول مجرد وصف طردي غير مؤثر في عدم التمكين؛ لأن الواجب على ملتزم أمرٍ إثبات ما يتوقف عليه غرضه، كثرت مقدماته أو قلَّتْ، على أن مقدماته ربما تكون أقل بأن تثبت بالإجماع أو بالنص الجلي الواضح. شرح غاية. فلا يكون - حينئذٍ - قدر الكلام فيه كالكلام في الأول.

(٢) أي: عدم طهارته به.

(٣) وذلك بصحة كل مقدمة من مقدماته، وهو معنى المنع. وقيل: ينقطع؛ لأن اشتغاله بما أقامه المعلل دليلا على المقدمة الممنوعة اشتغالٌ بالخارج عن المقصود، وربما يفوته. قلنا: لا نسلم؛ إذ المقصود لا يحصل إلا به، طال الزمان أو قصر. شرح غاية.