الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الاعتراض العاشر]

صفحة 220 - الجزء 1

[الاعتراض العاشر]

  الاعتراض العاشر: القدح⁣(⁣١) في المناسبة:

  بأن يوجد معارض لتلك المصلحة: من مفسدة راجحة على تلك المصلحة أو مساوية لها؛ لما مر من أن المناسبة تنخرم بمفسدة تلزم: راجحة أو مساوية.

  وجوابه: بترجيح المصلحة على تلك المفسدة:

  إما إجمالا كما مر⁣(⁣٢) في انخرام المناسبة بمفسدة.

  أو تفصيلا بحسب خصوص المسألة، كأن يقول: هذه المصلحة ضرورية وتلك المفسدة حاجية، والضروري أولى من الحاجي وأرجح.

  مثاله: أن يقول المستدل على أن الأم الكافرة لا حضانة لها على ولدها الصغير، بالقياس⁣(⁣٣) على العاقل: صبي مسلم فلا يجوز أن تحضنه أمه الكافرة؛


(١) ومثاله أن يقال إذا أريد الاستدلال بالقياس على ثبوت فسخ المجلس - على فرض عدم ثبوت النص فيه -: وجد سبب الفسخ - وهو دفع ضرر المحتاج إليه - فيثبت الفسخ، كالفسخ بخيار الشرط. فيقول المعترض: دفع الضرر معارَض بمفسدة ضرر الآخر، وهي مساوية لتلك المصلحة، فلا يصح تعدي الحكم مع تكامل شروط العلة حيث انخرمت المصلحة بالمفسدة بالنظر إلى ظن المجتهد، ويتعين وقف الحكم على ما ثبت بالنص، وهو خيار الشرط؛ إذ الحكم الشرعي الثابت بالنص يجب قبوله، سواء ظهر رجحان المصلحة أو لم تظهر المصلحة أصلا، كالغسل من نجاسة الكلب سبعًا، وإنما عدلنا في المثال إلى ما تراه وقررناه بما ذكرناه ليندفع ما قيل: إن القائس بالمناسبة إنما يستخرج العلة المناسبة بعد ثبوت الحكم الشرعي، والمصلحة والمفسدة إنما ينشئان منه لا من العلة، فما معنى إبطال علية المناسبة باستلزام المفسدة بعد ثبوت الحكم الشرعي؟ ولا بد له من مناسبة وإلا لزم التعبد لا لمرجح أصلا، وهو تحكم لا يجوز من الحكيم؛ وتوضيح ما أردناه: أن الحكم الشرعي وإن استلزم مفسدة راجحة أو مساوية في ظن المجتهد فلا يلزم منه انتفاء مصلحة راجحة في نفس الأمر؛ لكن تلك المفسدة التي ظهرت في ظن المجتهد تمنع من تعدي الحكم إلى غير ما ثبت بالنص، ويتوجه الاعتراض عليها بالانخرام المذكور، فظهر لك معنى إبطال علة المناسبة باستلزام المفسدة بالنظر إلى ظن المجتهد مع إرادته تعدي الحكم. فواصل.

(٢) قال العضد: وذلك بلزوم التعبد المحض - أي: الخالص عن المصلحة - لولا اعتبار المصلحة وقد أبطلناه. قال السعد: أي التعبد، حيث ذكرنا أن الأحكام تشتمل على المصالح: إما تفضلا عند الأشاعرة، أو وجوبا عند المعتزلة. بالمعنى.

(٣) أي: بالقياس على ولدها العاقل، أي: الذي قد استغنى عنها بنفسه.