الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الاعتراض الحادي عشر]

صفحة 221 - الجزء 1

  رعاية لمصلحة⁣(⁣١) الدين، كما لو كان عاقلا.

  فيقول المعترض: إنه يلزم من هذه المصلحة مفسدة، وهو ترك حضانة الأم للصبي مع حاجته إليها.

  فيجيب المستدل: بأن المصلحة دينية، والمفسدة حاجية، والدينية أرجح؛ لأن حفظ الدين أرجح.

  أو يقول المستدل: هذه ضرورية نفسية، أي: تعود إلى النفس، وتلك المفسدة حاجِيَّة.

  مثال ذلك: أن يقول المستدل على جواز بيع الحاكم طعام المحتكر، بالقياس على الشفعة: أخذُ مالٍ كرهًا لدفع ضرر عام، فيجوز، كالإكراه في الشفعة.

  فيقول المعترض: إنه يعارض هذه المصلحة - أعني: دفع الضرر العام - وجود مفسدة، وهي أخذ مال الغير مع حاجته إليه.

  فيجيب المستدل: بأن المصلحة تعود إلى حفظ النفس، وهذه المفسدة حاجية، وضرورة النفس أرجح من الحاجية. ونحو ذلك مما ترجح به المصلحة على المفسدة بحسب خصوص⁣(⁣٢) المسائل كثير.

[الاعتراض الحادي عشر]

  الاعتراض الحادي عشر: كون الوصف المعلَّل به خفيا غير ظاهر.

  وجوابه: أن يأتي المستدل بصفة ظاهرة تدل عليه عادة.

  مثاله: أن يقول المستدل على وجوب القصاص في القتل: قتلٌ عمدٌ عدوان، فيجب القصاص.

  فيقول المعترض: وصف العمدية خفي؛ لأن القصد وعدمه أمر نفسي لا يدرك شيء منه، ولا شك أن الخفي لا يعرف في نفسه، فكيف يعرف به غيره.


(١) لقوله ÷: «الرضاع يغير الطباع».

(٢) وكما لو قيل: التخلي للعبادة أفضل لما فيه من تزكية النفس. فيقال: يفوت مصالح كإيجاد الولد، وكف النظر، وكسر الشهوة. فيرجح الأول بأن مصلحة العبادة لحفظ الدين، وهذا لحفظ النفس أو النوع. والحق أن فيه المصلحتين؛ لإفضائه إلى ترك المنهي، وهو أرجح من العبادة. شرح غاية.