الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الاعتراض السادس عشر]

صفحة 229 - الجزء 1

  معلَّلا بعلة المستدل مع موافقته فيه، وذلك بمنع كونها علة، أو بمنع وجودها فيه، أعني: في الأصل.

  والأول يسمى مركب الأصل، والثاني مركب الوصف.

  مثال الأول: أن يقول الشافعي في الاستدلال على أن العبد لا يقتل به الحر بالقياس على المكاتب: عبدٌ فلا يقتل به الحر كالمكاتب. ويستغني عن إثبات أن المكاتب لا يقتل به الحر بموافقة الخصم، وإن كان غير منصوص عليه، ولا مجمع عليه بين الأمة. فيقول الحنفي: الحر وإن كان لا يقتل بالمكاتب⁣(⁣١) عندي فليست العلة عندي كونه عبدا، بل جهالة المستحق للقصاص، هل السيد؛ لاحتمال أن يبقى عبدا لعجزه عن الإيفاء بمال الكتابة، أو ورثته⁣(⁣٢)؛ لاحتمال أنه كان يوفي المال فيصير حرا، فإن صحت هذه العلة⁣(⁣٣) في عدم قتله بالمكاتب وإلا مَنَعتَ حكم⁣(⁣٤) الأصل، وقلت: يقتل الحر بالمكاتب؛ لعدم المانع. وعلى كلا التقديرين⁣(⁣٥) لا يصح القياس؛ إذ لا يخلو من عدم العلة في الفرع⁣(⁣٦)، أو منع حكم الأصل.

  ويسمى هذا مركب الأصل؛ لأن الأصل فيه مركب من ثبوت الحكم في نفس الأمر، وتسليم الخصم لذلك⁣(⁣٧)؛ لأن القائس استغنى بتسليمه عن إقامة الدليل عليه، فكان مركبا من أمرين.


= قنع فيه باجتماع الخصمين على حكم الأصل، أما إذا كان مجمعا عليه مطلقا فلا كلام في قبوله، وأما إذا لم يكن فيه إجماع أصلا فحاول المستدل إثبات حكم الأصل بنص، ثم إثبات علته بطريقة - فيقبل في الأصح، وقيل: لا؛ لضم نشر الجدال. قلنا: لو لم يقبل في المناظرة لم تقبل مقدمة تقبل المنع؛ للزوم انتشار كلام يوجب طول البحث.

(١) فاتفقا على أن الحر لا يقتل بالمكاتب، وإنما اختلفا في أن العلة هي كونه عبدًا أو جهالة المستحق. سعد.

(٢) أي: ورثة المكاتب.

(٣) بطل إلحاق العبد به في الحكم؛ لعدم مشاركته له في العلة.

(٤) وهو أن المكاتب لا يقتل به الحر، وقلت: يقتل الحر ... الخ.

(٥) وهما: جهالة المستحق، ومنع حكم الأصل.

(٦) كما لو كانت العلة هي الجهالة.

(٧) قال المحلي: سمي بذلك لتركيب الحكم فيه على العلتين بالنظر إلى الخصمين.