الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[حد أصول الفقه]

صفحة 23 - الجزء 1

  أي: عَلَمًا⁣(⁣١) لفنٍ خاصٍّ، من غير نظر إلى آخر. وهو يشعر بابتناء الفقه في الدين عليه، فهو يشعر بالمدح.

  فإذا تقرر ذلك فلأصول الفقه حدان: حدٌّ باعتبار العَلَمِية، وحدٌّ باعتبار الإضافة.

  أما حدُّهُ باعتبار العَلَمِية فهو ما ذكره المصنف.

  قوله: «عِلْمٌ»: جنس الحد، وستأتي حقيقته⁣(⁣٢).

  وقوله: «بِأصُولٍ»: هي جمع أصل، والأصل، والقاعدة⁣(⁣٣) والضابط بمعنى واحد، والمراد بها هنا: صور كلية تنطبق على جزئيات، تتعرف أحكامها منها، كما يقال: الأمر للوجوب، فهذا ينطبق على جزئيات كثيرة؛ كـ: {أَقِيمُوا الصَّلاةَ}⁣[الأنعام ٧٢]، و {وَآتُوا الزَّكَاةَ}⁣[البقرة ٤٣]، و: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}⁣[البقرة ١٨٧]، ونحوها من صيغ الأمر. وكما يقال في القياس مثلا: كل فرع شارك أصلا في علة حكمه فإنه يجب إلحاقه به. ونحو ذلك.

  وقوله: «يُتَوَصَّلُ بِهَا» أي: بتلك الأصول، فيه دليل على أن هذا العلم إنما هو وُصْلَةٌ إلى غيره⁣(⁣٤)، وليس مقصودًا بالذات.

  وقوله: «إِلَى اسْتِنْبَاطِ الأَحْكَامِ⁣(⁣٥)» أي: استخراجها من أدلتها، والاستنباط:


(١) قوله: «أي: علَما» على ما عهد في اللغة - لا اسم جنس له - وهو من أعلام الأجناس؛ لأن علم أصول الفقه كليٌّ يتناول أفرادًا متعددة؛ إذ القائم منه بزيد غير ما قام منه بعمرٍو شخصا. غ.

(*) واللقب: علم يشعر بمدح أو ذم، والعلم: ما لم يفد ذلك. وهذا الفرق عند أهل العربية، أعني بين العلم واللقب، وعند المتكلمين هما شيء واحد.

(٢) أي: حقيقة العلم، وذلك في الباب الثاني، ويحتمل أن يريد حقيقة الجنس، وسيأتي في الباب الرابع، ويحتمل أن يريد حقيقة الحد، وستأتي في آخر الكتاب في الخاتمة.

(٣) القاعدة والقانون: قضية كلية يستنبط منها أحكام جزئيات موضوعها، وتسمى أحكام الجزئيات: فروعًا، واستخراجها: تفريعا. غ.

(٤) وهو استنباط الأحكام.

(٥) الاستنباط: استخراج الماء من العين، فاستعير لما يستخرجه المرء بفرط ذهنه وقوة قريحته من المعاني والتدابير بصعوبة وتفهم، فكأن في العدول عن لفظ الاستخراج إلى لفظ الاستنباط إشارة إلى الكلفة في استخراج المعاني من النصوص التي عظمت بها أقدار العلماء وارتفعت درجاتهم، وإلى أن حياة الروح والدين بالعلم كما أن حياة الجسد بالماء، ومثال الاستنباط من الكتاب: انتقاض الطهارة =