[حد أصول الفقه]
  وقوله: «الفرعية(١)» أي: التي يتعلق بها كيفية عمل. واحترز به(٢) عن الأصلية(٣): وهي التي لا يتعلق بها كيفية عمل(٤).
  وقوله: «عن أدلتها التفصيلية» متعلق بالاستنباط، واحترز به(٥) عن الإجمالية؛ كمطلق(٦) الكتاب والسنة؛ فلا يستند في إباحة البيع مثلاً - إلى كون الكتاب قاطعًا يجب العمل به، بل إلى قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ}[البقرة ٢٧٥]، فالحكم إنما يستخرج من الدليل التفصيلي لا الإجمالي كما بينا. فهذا حد أصول الفقه باعتبار كونه عَلَمًا.
  وأما حدُّهُ باعتبار الإضافة(٧) - وإنما أخرناه لأن المقصود الأهم هنا هو العلمي، وأما الإضافي فهو وإن كان متقدمًا وجودًا فهو مذكور هنا تبعا(٨) - فالأصل في اللغة(٩): ما يُبْتَنَى عليه غيره(١٠)، من جامدٍ أو نامٍ. قيل(١١): وأكثر ما
(١) فقوله: «الفرعية» احتراز من المسائل الأصولية، سواء كانت من أصول الدين؛ نحو: وجود الباري تعالى ومعرفته وقدمه ومعرفة أسمائه وصفاته، ومعرفة النبوات وما يتعلق بها من الوعد والوعيد. أو من أصول الفقه، وهي قواعده التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية. أو من أصول الشرائع؛ كالشهادتين وإقامة الصلاة وأعداد الركعات وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج على من استطاع. ح.
(٢) أي: الفرعية.
(٣) أي: من المسائل الأصولية، كأصول الفقه وأصول الدين؛ كمعرفة الباري أنه سميع بصير قادر حي عالم موجود.
(٤) إما قلبي أو غيره.
(٥) أي: الأدلة التفصيلية.
(٦) قال في الغاية: إن هذا القيد - أي: قوله: «عن أدلتها» - بيان للواقع؛ إذ الإجمالية لا يستنبط عنها. اهـ. لا يستقيم تعلقه بالفرعية لفساد المعنى؛ إذ يصير معناه: الفرعية عن أدلتها التفصيلية، فيلزم أن تكون تلك الأدلة أصولا. بل تعلقه بالفرعية مستقيم، واللازم ملتزم، كيف لا والأصل هنا الدليل.
(٧) يعني: حده الإضافي، أي: حقيقة مفرديه، اللذين هما الأصول والفقه، لغة واصطلاحا.
(٨) إذ قد صار مهجورًا.
(٩) وقدم تعريف المضاف وإن كانت معرفته من حيث هو مضاف موقوفة على معرفة المضاف إليه - نظرًا إلى سبقه في الذكر. غ.
(١٠) من غير تأثير؛ ليخرج المؤثر والشرط. ويستعمل الأصل في الحَسَب، ذكره الكسائي، يقال: فلان أصل، إذا كان ذا حسبٍ.
(١١) ذكره في الجوهرة.