الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[المفهوم]

صفحة 268 - الجزء 1

  (و) الرابع: (مفهوم الغاية(⁣١)) وهو: استمرار الحكم إلى وقت معلوم؛ مثل: قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}⁣[البقرة ١٨٧] فمفهومه ارتفاع وجوبه عند دخول الليل. وكذلك قوله تعالى: {فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}⁣[الطلاق ٦]، فمفهومه عدم الإنفاق عقيب وضع الحمل.

  (و) هذا المفهوم (هو أقوى منها) أي: من الثلاثة المتقدمة. والآخذ به أكثر من الآخذ بما قبله. لأن من أخذ بما قبله أخذ به، من دون عكس. والمختار: أنه يؤخذ به؛ لأن وضع حرف الغاية لرفع الحكم عما بعدها، كما في المثالين المذكورين، وإلا لم يتبين للفعل آخر. ولأنه بمنزلة قوله: آخر وقت وجوب كذا وقت كذا، وهذا يقتضي ارتفاع الوجوب عند دخول ذلك الوقت، فكذا إذا قال: إلى كذا، أو حتى كذا. والله أعلم.

  (و) الخامس: (مفهوم العدد(⁣٢)) وهو: ما يفهم من تعليق الحكم بعدد معين. مثل: قوله تعالى: {فاجلدوهم ثمانين جلدة} فمفهومه تحريم الزيادة والنقصان. وهو مأخوذ به عند الأكثر.

  (و) السادس: (مفهوم إنما(⁣٣)) نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء}⁣[التوبة ٦٠].


(١) وهو ما يفهم من تقييد الحكم بأداة غاية كإلى وحتى، كقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}⁣[البقرة ٢٣٠]، يفهم منه أنها إذا نكحت زوجاً آخر حلّت له بشرطه. ح غ.

(*) وهو أقوى مما سبق من المفاهيم؛ ولذا قال به كل من يقول بمفهوم الشرط، وغيرهم ممن لم يقل به كالإمام يحيى #، والإمام المهدي #، والقاضي عبدالجبار، والباقلاني، والغزالي، وإليه ذهب معظم نفاة المفهوم. وخالفت الحنفية، والآمدي.

(٢) قال في الغاية وشرحها: وهو ما يستفاد من تعليق الحكم بعدد مخصوص، كقوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}⁣[النور: ٥]، أي: لا أكثر من ذلك، و كقوله ÷: «في أربعين شاةً شاةٌ»، أي: لا في أقل من ذلك.

(*) فأما حيث أريد بالعدد المبالغة كسبعين مرة فلا يعمل بمفهومه. ح - حا.

(٣) ومفهوم إنما المكسورة المقتضية للحصر، نحو: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ}⁣[طه ٩٨]، وقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}⁣[التوبة ٦٠]، فإن «ما» تدل على أن ما عدا الأصناف الثمانية لا نصيب له فيها. ويعمل به عند أئمتنا والجمهور، وجعله أئمة المعاني والغزالي والباقلاني منطوقاً، ونفاه الآمدي، والحنيفة، وأبو حيان، وقالوا: لا يفيد الحصر بمنطوق ولا مفهوم. لنا في إفادة الحصر استعمال =