الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[المفهوم]

صفحة 269 - الجزء 1

  وكذلك ما أفاد القصر⁣(⁣١) كالاستثناء، نحو «ما الصدقات إلا للفقراء»، فمفهومه أن الصدقة للفقراء، وأما أنها لا تجب لغيرهم فمنطوق⁣(⁣٢).

  وكذلك «لا إله إلا الله» مفهومه: أن الله إله⁣(⁣٣)، وأما نفي إلهية الغير فمنطوق، فتأمل!

  وكتقديم الوصف على الموصوف الخاص⁣(⁣٤)، وجعله مبتدأ والموصوف خبرا، نحو: «العالم زيد» يفهم منه أنه لا عالم غيره.

  (وقيل: هما) أي: مفهوما العدد وإنما، وكذا ما أفاد الحصر مما ذكرناه (منطوقان(⁣٥)) أي: يدلان على الحكم بالمنطوق لا بالمفهوم؛ لإفادة الحصر فيما دلا عليه.


= الفصحاء في مواطن الحصر، قال الأعشى: وإنما العزة للكاثر. ووجه الاستدلال أن المقصود لا يحصل إلا بحصر العزة فيه. فصول وحواشيه، القائل بأنه منطوق قال: لا فرق بين: {إنما إلهكم الله}، وبين: {لا إله إلا الله} فهو منطوق، قلنا: لا نسلّم أن الاستثناء منطوق حتى يصح القياس، سلمنا فلا نسلم عدم الفرق بينهما، بل نفي الغير في الأول مفهوم، وفي الثاني منطوق. فصول وحواشيه.

(١) في نسخة: الحصر.

(٢) هذا بيان للمنطوق والمفهوم في (ما الصدقات إلا للفقراء).

(٣) قال في شرح الغاية: والحصر بإنما يفيد الإثبات منطوقاً والنفي مفهوماً، قال البرماوي: وأما القول بأنه حجة - يعني مفهوم العدد - فهو رأي بعض منكري مفهوم الصفة كالباقلاني، وإمام الحرمين، ومن أنكر مفهوم العدد، وللرازي تفصيل يطول، حاصله: أنه لا يدل على نفي الحكم فيه فيما زاد أو نقص إلا بدليل، وهذا يدل على أنه أقوى من مفهوم الشرط عند الباقلاني وإمام الحرمين، فإنهما نفيا العمل به. وقد أنكر الإمام يحيى والإمام المهدي # العمل به، وعزاه الإمام يحيى # إلى أهل التحقيق من أئمة الزيدية، والجماهير من المعتزلة والأشعرية. فواصل.

(٤) وقد اختلف في ذلك، فقيل: لا يفيد الحصر، وقيل: يفيده، ولا خلاف في إفادة ذلك بين علماء البيان، كما لا اختلاف بينهم في إفادة الحصر مع العكس، وهو زيد العالم، وفي العرب الكرم، ومن قريش الأئمة. والجمهور معهم، وبعض العلماء يقول بالأول دون العكس. فواصل.

(*) في الغاية وشرحها ما لفظه: ومثل: العالم زيد، والرجل عمرو، والكرم في العرب، والأئمة من قريش، وصديقي خالد، مما عُرِّف فيه المبتدأ بحيث يكون ظاهراً في العموم - سواء كان صفة أو إسم جنس - ويكون الخبر أخص منه بحسب المفهوم، سواء كان علماً أو غير علم، ومنه قوله ÷: «تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم»؛ ولهذا احتج به أصحابنا والشافعية على تعين التكبير. وخالف فيه الحنفية؛ بناءً على أصلهم في منع المفهوم. وعكسه أيضاً كذلك عند علماء المعاني، مثل: زيد العالم. ومثل تقديم المعمول كقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥}⁣[الفاتحة]، {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ٤٠}⁣[االبقرة].

(٥) قال ابن حابس في شرحه: أما مفهوم العدد فلا أعرف مخالفاً فيه.