[المفهوم]
  ابتداء بعد أن كان لا يعرف أهل اللغة لفظه أو معناه أو كليهما، وليس من أسماء الأفعال(١) كالصلاة والصوم والمصلي والصائم.
  والظاهر أن الواقع هو القسم الثاني، وهو ما لم يعرف أهل اللغة معناه، وذلك كالمؤمن والإيمان.
  فهذه هي أقسام الحقيقة على الصحيح
  والدليلُ على إثبات الشرعية وقوعها في لفظ الصلاة(٢) والزكاة، كما تبين.
  وعلى إثبات الدينية(٣) أن الإيمان في اللغة: التصديق، وفي الشرع: العبادات المخصوصة؛ لأنها الدين المعتبر؛ بدليل قوله تعالى: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة ٥]، والمقصود به العبادات المذكورة وغيرها، لكن اكتفى بذكرها(٤) لأنها الأساس. والدين المعتبر هو الإسلام؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}[آل عمران ١٩]. والمراد به الإيمان(٥)؛ حيث يقبل من مبتغيه؛ إذ لو كان غيره لما قبل؛ لقوله تعالى: {فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ}[آل عمران ٨٥]، وهو مقبول إجماعا، فثبت أن الإيمان هو العبادات، وهو المطلوب، والله أعلم.
(١) قال السعد: وزعمت المعتزلة أن أسماء الذوات - أي: ذوات الموصوفات كالمؤمن، والكافر، أو ذوات الصفات، كالإيمان، والكفر - من قبيل الدينية، يعني أن أهل اللغة لم يعرفوا معانيها، وأسماء الأفعال المفتقرة إلى علاج وتأثير - سواء أخذت بدون ما يتصف بها كالصلاة والزكاة، أو معها كالمصلي والمزكي - ليست من قبيل الدينية. وفي لفظ زعموا إشارة إلى أن هذا دعوى لا برهان عليها. سعد باللفظ.
(٢) أي: أنها إذا أطلقت فلا يتبادر إلى الفهم سوى ما قد صارت موضوعة له.
(٣) وهو قول أكثر الزيدية، والمعتزلة، وبعض الفقهاء، والجماهير من السلف، قال ابن حجر في مقدمة فتح الباري عن البخاري: كتبت عن ألف وثمانين نفساً ليس فيهم إلا صاحب حديث، وقال أيضاً: لم أكتب إلا عمن قال: الإيمان قول وعمل. ح - غ.
(٤) أي: قوله: {حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}.
(٥) وأيضاً قال تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٣٥ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٦}[الذاريات]، ولولا الاتحاد لم يستقم الاستثناء. عضد. لأنه مفرغ، فيكون متصلاً مستلزماً لاتحاد الجنس، أي: ما وجدنا فيها بيتاً من بيوت المؤمنين إلا بيتاً من المسلمين، وبيت المسلم إنما يكون بيت المؤمن إذا صدق المؤمن على المسلم؛ إذ التحقيق أن ليس المراد بالبيت هو الجدران، بل أهل البيت. سعد.