الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[المجاز]

صفحة 286 - الجزء 1

  وقد يكون (مركبا) إذا كان وجهه منتزعا من متعدد (كما يقال للمتردد في أمر: أراك تقدم رجلا(⁣١) وتؤخر أخرى) فقد شَبَّه صورة تردده في ذلك الأمر بصورة تَرَدُّد مَن قام ليذهب، فتارة يريد الذهاب فيقدم رجلا، وتارة لا يريده فيؤخر أخرى، فقد انتزع وجه التشبيه من متعدد كما ترى.

  (وقد يقع) المجاز (في الإسناد) فقط، إذا كان إلى غير من هو له وهو المسمى بالعقلي، (مثل) قولهم: (جَدَّ جدُّه(⁣٢)) ومنه: قول أبي فراس شعرا:

  سيذكرني قومي إذا جد جدهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

  ومثل قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}⁣[الزلزلة ٢]، فإسناد الإخراج إلى الأرض مجاز؛ إذ المخرج هو الله تعالى.

  وقد يقع فيهما، أي: في المفرد والإسناد جميعا، كقولك لمن تحبه: «أحياني اكتحالي بطلعتك»، أي: سرتني رؤيتك، فاستعمل الإحياء في السرور، والاكتحال في الرؤية، وهذا مجاز في المفرد، ثم أسند الإحياء إلى الاكتحال، وهو مجاز في الإسناد؛ لأن المحيي هو الله تعالى.

  (ولاستيفاء الكلام في ذلك) أي: في الحقيقة والمجاز، وأقسامهما، وما يتعلق بذلك (فنٌّ آخر) وهو فن المعاني والبيان فهذا الذي ذكره المصنف هو الذي يليق بهذا الفن، ومن أراد الاستيفاء فليرجع إلى ذلك.

  (وإذا تردد الكلام بين المجاز والاشتراك) أي: إذا ورد لفظ يحتمل معنيين، وتردد بينهما: هل حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر، أو مشترك بينهما⁣(⁣٣)؟


(١) والمراد أنه تارة يقدم رجلاً، وتارة يؤخرها؛ لأنه لا يحتاج إلى تأخير الأخرى مع تقديم أحد الرجلين؛ ولأن ذلك ليس صورة المتردد، وقد ذكر معنى هذا الشيخ لطف الله.

(٢) الإسناد هنا إلى المصدر وهو الجد.

(٣) مشكل؛ لأن اللفظ الدائر بينهما إن كان من دون قرينة فهو حقيقة؛ فيثبت له الاشتراك، وإن كان معها فمجاز؛ فيثبت له المجاز. قلت أما مع تجرده عن القرينة فمسلّم أنه حقيقة، وأما مع القرينة فغير مسلم أنه مجاز مطلقاً؛ لأن القرينة تحتمل أن تكون صارفة فيكون مجازاً، وإن تكون معينة فيكون =