[الأمر]
  إلى الترجيح بينهما، فإن وجد ثَمَّ مرجح رُجِعَ إليه، وإلا وجب الوقف(١).
  (وكذا) إذا تكرر الأمر (بغير) حرف (عطف) نحو: «صل ركعتين صل ركعتين»، فإنه يقتضي تكرار المأمور به (على) القول (المختار)؛ لأن فائدة التأسيس - وهي أن يقتضي التكرار إيجابا آخر - أظهر من فائدة التأكيد للأول، وهي نفي توهم التجوز؛ ولذا يقال: «الإفادة خير من الإعادة». ولأنه إذا انفرد كل واحد منهما اقتضى مطلوبا، فكذا إذا اجتمعا؛ لأن ذلك مقتضى أصل الأمر، والله أعلم.
  (إلا لقرينة(٢)) تمنع من ذلك (من تعريف) للثاني، نحو: «صل ركعتين صل الركعتين»، فإن التعريف - حينئذٍ - للعهد الخارجي، فيكون عبارة عن الأول؛ لأن إعادة المُنَكَّر معرفةً تقتضي الإتحاد، فهو من باب وضع الظاهر موضع المضمر، فكأنه قيل: «صلهما». (أو غيره)(٣) من القرائن المقتضية أن الثاني عبارة عن الأول:
  كعادة، نحو: «اسقني(٤) ماء اسقني ماء»، فإن(٥) العادة قاضية بأن مراده أن يسقيه ماء يزيل به العطش، وذلك يحصل بمرة.
  أو إشارة، نحو: «صُمْ هذا اليوم صم هذا اليوم»، فإن ذلك كله يقتضي أن الثاني تأكيد للأول، فلا يقتضي الأمر التكرار حينئذ، والله أعلم.
  (وإذا ورد الأمر) بشيء (مطلقاً غير مشروط(٦)) بما لا يتم إلا به (وجب تحصيل المأمور به، و) يجب - أيضاً - تحصيل (ما لا يتم إلا به، حيث كان) ما
(١) ومن الناس من جزم بالتأسيس؛ لأن اللام والواو إذا تعارضا بقي كون التأسيس هو الأصل مرجحاً سالماً من المعارضة. واعترض بأن هذا الوجه أيضاً يعارضه براءة الذمة. ح غ.
(٢) قلت: والظاهر أن الاستثناء عائد إلى صور الإتفاق والاختلاف. ح حا.
(٣) أي: غير التعريف ككونه غير قابل للتكرار. ح غ.
(٤) سقاه الله، وأسقاه بمعنى، وقد جمعهما لبيد في قوله:
سقى قومي بني مجد وأسقى ... نميراً والقبائل من هلال
(٥) فكان ذلك قرنية مانعة من تكرار السقي. قسطاس.
(٦) لفظاً.