الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[ألفاظ العموم]

صفحة 314 - الجزء 1

  والفضة ليس عامًّا، فلا يدخل فيه الحلي حتى تجب فيه الزكاة. بناء على أن سَوْقَ الكلام في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ ..} الآية للذم، لا لإيجاب الزكاة في كل ذهب وفضة.

  قلنا: هو عامٌّ بصيغته وضعًا، ولا منافاة بين المدح والذم وبين التعميم، فوجب التعميم⁣(⁣١).

  (و) المختار⁣(⁣٢) أيضا (أن نحو) قول القائل: والله (لا أكلتُ) ومثله: «إن أكلت» (عامٌّ في) مفعولاته، التي هي (المأكولات) وغيرها؛ لأنه نكرة في سياق النفي أو الشرط، فيكون عاما لكل مأكول، ولا يختص بنوع دون نوع؛ وإذا كان كذلك كان كألفاظ العموم (فيصح تخصيصه) بأن ينوي شيئا معينا، أو زمانا أو مكانا معينا، أو يستثني ذلك، فإذا قال: أردت أني لا أكلت التمر، أو في زمان كذا، أو في مكان كذا، أو إلا التمر، لم يَحنَث.

  وقيل⁣(⁣٣): لا يصح تخصيصه⁣(⁣٤) بما ذكر؛ إذ هو لحقيقة الفعل من غير نسبة إلى شيء، والحقيقة الذهنية لا يدخلها زيادة ولا نقصان⁣(⁣٥)؛ فلا يصح تخصيصها.


(١) عملاً بالمقتضى السالم عن المعارض، هكذا قال ابن الحاجب. وقد اعترض بأن ذلك عين النزاع، فإن الخصم يزعم أن قصد المدح أو الذم ينافي قصد عموم الحكم، وإن كان اللفظ عاماً بصيغته؛ لما أن المقصود من إيراد مثله المنع عما ذم لأجله على وجه المبالغة، فلو ثبت العموم فات معنى الذم. قالوا: إن ذلك العام مع عدم التعميم وإرادة العموم أدخل في المبالغة في المدح والذم. قلنا: لا دليل على ذلك، بل التعميم أدخل فيها، ولو سلم فالتعميم وإن لم يكن أدخل فيها فليس منافياً لها حتى يكون القصد إليها مستلزماً لنفي العموم، بل غاية الأمر أن المبالغة تحصل بكل منهما وإن كان عدم التعميم أدخل. قسطاس.

(٢) عند الجمهور كالشافعية، وأبي يوسف من الحنفية، وأكثر أصحابنا. ح غ.

(٣) القائل أبو حنيفة والمؤيد بالله.

(٤) بالنية، لا باللفظ فاتفاق.

(٥) وهذا الخلاف مبناه على أن المفعول به مقدر في نظم الكلام فيكون كالمذكور ملحوظاً عند الذكر فجاز أن يراد به بعض دون بعض أو محذوف لا يلحظ عند الذكر، وإنما سيق الكلام لنفي حقيقة الفعل من حيث هي. والصحيح احتمالهما؛ لأن كل واحد منهما واقع في فصح الكلام فيقبله، أي: التخصيص بالنية، ويكون ذلك قرينة لإرادة أحد المحتملين. ح غ باللفظ.