[المخصص قسمان: متصل ومنفصل]
  على المختار - (المتأخر منهما) إذا علم تأخره، لكن إذا كان المعلوم تأخره هو العام كان ناسخا للخاص؛ وحينئذ يجب أن يتراخى(١) وقتا يتسع للعمل بالخاص، ويتمكن منه؛ لأنه شرط النسخ، كما سيأتي. وإن كان الخاص: فإن تراخى كتراخي الناسخ كان ناسخا(٢) لبعض ما تناوله العام، وإن لم يتراخ كان مخصصا، أي: مُبَيِّنا للمراد بالعام.
  (فَإِنْ جُهِلَ التَّأْرِيخُ) فلم يعلم المتأخر منهما (اطُّرِحَا(٣)) معا، وأخذ في الحادثة بغيرهما. لكن لا يخفى أنه إنما يُطَّرح من العام ما يقابل الخاص فقط، دون ما عداه؛ إذ لا موجب لسقوطه. وهذا هو الذي عليه الجمهور.
  (وَقَالَ الشَّافِعيُّ) وأصحابه: بل يبنى(٤) العام على الخاص، ومعنى بنائه عليه: أنه (يُعمَلُ بِالخَاصِّ فِيمَا تَنَاوَلَهُ(٥) ، وَبِالعِامِّ فِيمَا عَدَاهُ(٦) ، تَقَدَّمَ الخَاصُّ أَمْ تَأَخَّرَ أَمْ جُهِلَ التَّأرِيخُ(٧)). وإنما وجب ذلك عندهم (ليحصل العمل بهما)
= الآخر، أو تشتهر روايته، أو يعمل به الأكثر، أو يكون محرماً والآخر غير محرم، أو يكون عمومه مقصوداً والآخر عمومه اتفاقي، أو نحو ذلك. مثاله: قول ÷: «من بدل دينه فاقتلوه» مع نهيه ÷ عن قتل النساء، فإن الأول خاص بالمرتدين، عام في الرجال والنساء، والثاني خاص بالنساء، عام في الحربيات والمرتدات، فعمل ابن عباس بعموم الثاني فمنع قتل المرتدات، وعمل غيره بالأول فأوجب قتلهن. شرح غاية.
(١) واختار في شرح الغاية: أن الخاص المتقدم مخصص للعام المتأخر المتراخي كغير المتراخي، وهو مذهب المؤيد بالله، صرح به في شرح التجريد، والسيد محمد بن إبراهيم، والفقيه سليمان بن ناصر، وعبدالله بن زيد من أصحابنا، وبه قال الشافعي، وأبو الحسين، والرازي، وبعض الظاهرية. قال: لأن تقدم الخاص قرينة عدم إرادة التعميم، ولا يضر تراخي التعميم؛ لأن الخاص إنما يتصف بكونه مخصصاً عند ورود العام؛ فيصير التخصيص مقارناً للتعميم، وذلك مما لا إشكال فيه.
(*) وإن لم يتراخَ مدة يمكن فيها العمل فمخصص على المختار.
(٢) لامتناع تأخر البيان عن وقت الحاجة؛ فعلى هذا تكون دلالته على الباقي قطعية لا ظنية كالعام الذي خص منه البعض. وعند مجوزي تأخير البيان عن وقت الحاجة المتأخر مخصص.
(٣) عبارة الغاية وشرحها: وقيل: إن العام والخاص يتعارضان إن جُهل التاريخ فيما تناولاه، فيجب فيه الرجوع إلى الترجيح إن أمكن، وإلا تساقطا في محل التعارض، ورجع فيه إلى حكم الأصل إن لم يوجد ناقل شرعي، وإليه ذهب جمهور أصحابنا والحنفية، والقاضيان: عبدالجبار والباقلاني.
(٤) وهو الذي بنى عليه صاحب الغاية.
(٥) فما كان دون خمسة أوسق فلا شيء فيه.
(٦) فما كان خمسة أوسق فتجب الزكاة.
(٧) المختار في هذا البحث ما نظمه السيد العلامة عبدالله بن علي الوزير ¦:
=