[المطلق والمقيد]
  قيل: بيانا، أي: أن المقيد بيان للمراد بالمطلق. وقيل: ناسخا. إن تأخر المقيد وقتا يتسع للعمل بالمطلق.
  وإنما وجب ذلك لأن العمل بالمقيَّد عمل بالمطلق؛ لأن المطلق جزء منه، ففي العمل به جمعٌ بين الدليلين، بخلاف العكس. وأيضا ليخرج عن العهدة بيقين. وذلك واضح.
  (لاَ) إذا وردا(١) (فِي حُكْمَيْنِ(٢) مُختَلِفَيِنِ مِن جِنسَينِ) فلا يُحمل(٣) أحدهما على الآخر (اتِّفَاقاً)، سواء كانا نهيين أو أمرين، اتحد سببهما(٤) أو اختلف.
  مثال النهيين أن يقول: «لا تكس تميميا، ولا تطعم تميميا عالما».
  ومثال الأمرين: «اطعم تميميا، واكس تميميا عالما». وكذا لو قال: «اكس ثوبا يمانيا، وأطعم طعاما». فلا يقيَّد التميمي المطعم بالعالم، ولا الطعام بكونه يمانيا (إِلاَّ قِيَاسًا(٥))، يعني: إذا كان هناك علة جامعة وجب إلحاق أحدهما بالآخر؛ لأن القياس أحد طرق الشرع المقررة.
  (و) كذا (لاَ) يُحمل أحدهما على الآخر (حَيثُ اخْتَلَفَ السَّبَبُ وَاتَّحَدَ الجِنْسُ)، مثل: كفارتي الظهار والقتل، حيث أطلق في كفارة الظهار فقال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
(١) عبارة الغاية: وإن اختلفا حكماً لم يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً.
(٢) اللهم إلا في مثل أن يقول الرسول ÷: إن ظاهرت فاعتق رقبة، ويقول:» لا تملك رقبة كافرة» فإنه يقيد المطلق بنفي الكفر - وإن كان الظهار والملك حكمين - مختلفين - اتفاقاً؛ لتوقف الإعتاق على الملك، وهذا واضح. القسطاس، وشرح السيد داود.
(٣) لعدم المنافاة في الجمع بينهما. شرح غاية.
(٤) في شرح الغاية: سواء اختلف سببهما نحو: تقييد صيام القتل بالتتابع، وإطلاق إطعام الظهار، أو لم يختلف نحو: تقييد صوم الظهار بما قبل المسيس، وإطلاق إطعامه. باللفظ.
قوله: بما قبل ... إلخ، خلاف ما اختاره أهل المذهب في الفروع. منه |.
(٥) كالتيمم المطلق في قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}[المائدة ٦]، فلا يحمل على الوضوء المقيد «بإلى المرافق» في آية ا لوضوء إلا بالقياس. من حاشية المصنف على الكافل.
قوله: «فلا يحمل ..» إلخ، أي: في تكميل الأعضاء؛ لأن التيمم والوضوء حكمان مختلفان في الوجوب والوقت والكيفية، فإن المسح بالتراب مخالف للغسل بالماء، وإن اتحد السبب، وهما جنسان مختلفان. قسطاس، وشرح السيد داود.