الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[أقسام الواجب]

صفحة 36 - الجزء 1

  فيه والحسن⁣(⁣١). والنفل.

  (وَالمَسْنُونُ أَخَصُّ(⁣٢) مِنْهُمَا)؛ لأن المسنون: ما أمر به الرسول ÷ ندبًا⁣(⁣٣) وواظب⁣(⁣٤) عليه، كالرواتب للفرائض.

  والمندوب ونحوه: بخلافه، وهو: ما أمر به الرسول ÷ ندبًا ولم يواظب عليه⁣(⁣٥)؛ فكل مسنونٍ⁣(⁣٦) مندوبٌ، ولا عكس؛ فالمندوب أعم؛ لوجوده بدون المسنون.


= بخصوصه ندبًا - أي: أمرَ ندبٍ، بأن تقوم قرينة تصرفه عن الواجوب - فإما: أن يواظب عليه أوْ لا؛ فإن واظب عليه فمسنون، كرواتب الفرائض، وإلا يواظب عليه، بل أمر به أمر ندب - سواء فعله تارة وتركه أخرى، أم لم يفعله أصلًا - فلا يسمى مسنونًا، ووافق القاضي حسين وغيره من الشافعية ما ذكرناه في المسنون، وخصُّوا ما فعله الرسول ÷ مرة أو مرتين باسم المستحب، وما لم يفعله باسم التطوع، قالوا: لأن السنة في الأصل: العادة والطريقة، والمستحب: المحبوب، والتطوع: الزيادة. وهذا مجرد اصطلاح، ولا وجه لما ذكروه من الاحتجاج؛ إذ لا تجب ملاحظة المعنى اللغوي، وإن سلم فلا نسلم امتناع ملاحظته؛ إذ يصدق على كل واحد من الأقسام أنه طريقة، وأنه عادة، وأنه محبوب للشارع، وأنه زائد على الواجب، فلا يمتنع الترادف. ح غ.

(١) مشكل عليه، ووجهه: أن الحسن أعم؛ لشموله الواجب والمكروه والمندوب والمباح.

(٢) لاعتبار زيادة قيدٍ فيه، وهو المواظبة منه ÷.

(٣) أي: أمر ندب، بأن قامت قرينة تصرفه عن الوجوب.

(٤) فإن قيل: يخرج تحميد المؤتم في الصلاة؛ إذ لم يواظب عليه ÷؛ إذ لم يصلَّ مؤتمًا إلا نادرًا، كصلاته خلف عبد الرحمن بن عوف وعمر مرة، وخلف عتاب بن أسيد واليه على مكة، كما رواه في شفاء الأوام وغيره، وكذا يخرج الوتر؛ إذ أمر به ÷ ندبًا وواظب عليه، مع أنه في حقه واجب. ولعله يجاب عن ذلك: بأن المواظبة على مقابله - وهو التسميع - كالمواظبة عليه؛ لأنه لا يجمع بينهما على أصلنا، أو لأنه لما أمر # المصلي بالمواظبة عليه دلَّ على أنه لو صلى مؤتما لم يتركه؛ إذ الحكم واجب في حقه وحق غيره في مثل هذا. والظاهر أنه فعله في حال ائتمامه بمن سبق ذكره. وأما الوتر فقد حصل فيه شرط المسنون في حقنا، ووجوبه في حق الرسول ÷، بدليل خاص، فلا إشكال.

(٥) اشتراط المواظبة في المسنون، وعدمها في المندوب - يقتضي أنهما متباينان، فالأصوب أن يقال موضع قوله: ولم يواظب عليه -: سواء واظب عليه أم لا، حتى تثبت الأعَمِّيَّة من جهة المندوب، وذلك واضح.

(٦) قوله: «فكل مسنون مندوب، ولا عكس» بينهما عموم وخصوص مطلق، حقيقته: هو أن يصدق الأعم على جميع أفراد الأخص، ومرجعه إلى موجبة كلية موضوعها - أي: مبتدؤها - الأخص، ومحمولها - أي: خبرها - الأعم؛ وسالبة جزئية موضوعها الأعم، ومحمولها الأخص؛ كقولك: كل مسنون مندوب، وبعض المندوب ليس بمسنون.