الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الباب الثامن النسخ]

صفحة 370 - الجزء 1

  الأحكام؛ وأين أحدهما من الآخر فحينئذ يكون حقيقة شرعية إن كان الناقل هو الشرع⁣(⁣١)، وعرفية اصطلاحية إن كان الناقل هو أهل الشرع، والله أعلم.

  (وَالمُخْتَارُ جَوَازُهُ) أي: النسخ. وقد شذ المخالف⁣(⁣٢) فيه من المسلمين. والأكثر على وقوعه، إلا عن الأصفهاني⁣(⁣٣)، فرُوِي عنه أنه وإن كان جائزا لكنه لم يقع⁣(⁣٤)، ورُوِي عنه أنه منع من نسخ القرآن بالقرآن فقط.

  والصحيح المختار عند جميع العلماء أنه جائز⁣(⁣٥) واقع. والدليل على ذلك العقل والنقل، أما العقل فلأنه قد ثبت أن الشرائع مصالح للعباد: أما الواجبات فلكونها ألطافًا مقرِّبة من فعل الطاعات العقلية⁣(⁣٦)، وأما المندوبات فلكونها


(١) وقد يقال: بل يكون حينئذٍ عرفية خاصة؛ لا شرعية لأن الشرعية ما كان بوضع الشارع لا بوضع أهل الشرع، ومعناه الاصطلاحي إنما هو بحسب وضع أهل الشرع.

(٢) في غاية السؤل وشرحها: أنه جائز عند جميع أهل الشرائع سوى الشمعونية من اليهود.

(٣) أبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني المعتزلي، وكان من أعوان الداعي محمد بن زيد صنو الداعي الكبير الحسن بن زيد. هامش. شرح غاية.

(٤) كذا في المنتهى، أعني أن خلافه في الوقوع من دون قيد، لافي الجواز. وفي الفصول في الوقوع في القرآن. وفي غاية السؤل وشرحها ما لفظه: ونفى وقوعه في القرآن خاصة أبو مسلم؛ لقوله تعالى: {لا يأتيه ا لباطل من بين يديه ولا من خلفه} فلو نسخ بعضه لتطرق إليه البطلان. قلنا: النسخ ليس باطلاً، بل هو حق قطعاً، والباطل ضد الحق، وكذلك المنسوخ ليس باطلاً؛ لوقوعه على وفق المصلحة، وارتفاعه بارتفاعها. وقد نقل عن أبي مسلم القول بنفي وقوع النسخ مطلقاً، والراجح ما ذكرناه.

(٥) في الغاية وشرحها مسألة: ويجوز نسخ القرآن والمتواتر والآحاد كلٍ بمثله اتفاقاً، فلا يخالف فيه إلا من يمنع النسخ مطلقاً، أو من يمنعه في القرآن. فيجوز نسخ القرآن بالقرآن كآيتي العدتين. والخبر المتواتر بالخبر المتواتر، ومثاله عزيز، وقد مثله القرشي بنسخ المتعة ونسخ الكلام في الصلاة. والخبر الآحادي بالخبر الآحادي، نحو حديث الصحيحين: «كنت نهيتكم عن زيارة القبول فزوروها» لإفادة كنت نهيتكم أن النهي كان من السنة، وكنسخ نكاح المتعة، ونسخ الوضوء مما مسته النار ومن مس الفرج. وهو كثير.

(*) هذا بناءً على أن الشرائع مصالح للعباد وألطاف، وعلى القول بأنها شكر كما هو المعتمد يقال: لأن له أن يتأدى شكره بما شاء من الشرائع، ولا مانع. ح. حا.

(٦) من نحو رد الوديعة وقضاء الدين، وترك الظلم، ونحو ذلك. أساس.