[الباب الثامن النسخ]
  مثال الأول: ما روى الشافعي عن عمر أنه قال: مما أنزل الله تعالى في كتابه: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة» وفي بعض الروايات: «نكالا من الله ورسوله»، والمراد بهما المحصن والمحصنة، ثم نسخ تلاوته دون حكمه فهو باقٍ. وهذا والأول - وهو ما نسخ تلاوته وحكمه الأصح أنه يجوز للمحدِث والجنب تلاوته ولمسه؛ إذ ليس بقرآن حينئذ.
  ومثال الثاني: نسخ الإعتداد بالحول في حق المميتة الثابت بقوله تعالى: {مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}[البقرة ٢٤٠]، بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}[البقرة ٢٣٤]، ونسخ آية السيف وهي قوله تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} الآية [التوبة ٥] لآيات كثيرة(١)، كالآيات التي فيها الإعراض والصفح، وقد قيل: إنها ناسخة لمائة وأربع وعشرين آية.
  نعم، والمراد بالأشهر الحرم(٢): ذو القعدة، وذوالحجة، ومحرم، ورجب. ومفهومها منسوخ عند الأكثر.
(١) وقيل: نسخت نيفاً وثلاثمائة آية، قيل: ومن المنسوخ بها: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}[المائدة ١٠٥]، {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ}[الصافات ١٧٨]، {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}[النساء ٦٣]، {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ}، [المؤمنون ٥٤]، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ}[النحل ١٢٦]، ونحو ذلك. للسيد داود. ومثله في القسطاس.
(٢) في الثمرات عند قوله تعالى في سورة التوبة: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} الآية، ما لفظه: وأفادت الآية أن الأشهر الحرم لهن اختصاص من بين سائر الشهور، وقيل: أراد تعالى تحريم القتال فيهن، لكن قال الأكثر: إن ذلك قد نسخ بقوله تعالى في هذه الآية: {وقاتلوا المشركين كآفّة}، وهذا مروي عن عبادة، وعطاء الخراساني، والزهري، وسفيان، وروي أنه # قاتل هوازن في شوال وبعض القعدة، وهذا قول الأكثر، وصححه الحاكم، وعن عطاء ابن أبي رباح أن ذلك غير منسوخ. والله سبحانه أعلم.
(*) واختلفوا في تعيينها، فقيل: من عشر ذي الحجة إلى ربيع الآخر، عن الحسن، قال: وسُمِّيت حرماً لأن ابتداءها في الأشهر الحرم، وقيل: من عشر ذي القعدة إلى عشر من ربيع الأول، وكانوا حجوا في تلك السنة في ذي القعدة للنسيء وقيل: أراد انسلاخ المحرم، فإذا انسلخ جاز قتل من لا عهد له، عن الأصم. ثمرات.