الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الباب الثامن النسخ]

صفحة 377 - الجزء 1

  وقيل: المراد أشهر الأجل، وسماها حرما لحرمة العهد، والله أعلم.

  وما نسخ حكمه دون تلاوته كما تقدم لا يجوز للمحدِث والجنب تلاوته ولمسه؛ لأنه قرآن.

  (و) يجوز نسخ (مَفهُومِ المُوافَقَةِ) وقد تقدم بيانه (مَعَ أَصلِهِ) أي: الذي له المفهوم كما ينسخ تحريمُ الضربُ وأصله الذي هو تحريم التأفيف، ووجوب قيام الواحد للاثنين وأصله الذي هو قيام المائة للمائتين.

  (و) يجوز نسخ (أَصلِهِ) أي: أصل مفهوم الموافقة (دُونَهُ) أي: دون المفهوم، كما ينسخ تحريم التأفيف ويبقى تحريم الضرب.

  (وَكَذَا) يجوز (العَكسُ) أي: يجوز نسخ المفهوم دون الأصل، لكن (إِنْ لَم يَكنْ) المفهوم (فَحْوَى)، بل كان لحنا، كما ينسخ وجوب قيام الواحد للعشرة ويبقى الأصل⁣(⁣١) وهو قيام العشرين للمائتين.

  وأما إن كان فحوى فلا يجوز؛ فلا ينسخ تحريم الضرب - الذي هو أولى بالحرمة من التأفيف؛ لأن الأذى فيه أكثر - دون التأفيف فيبقى تحريمه، وهذا بَيِّنٌ كما ترى.

  (و) المختار عند المحققين من العلماء أنه (لاَ يَجُوزُ نَسخُ الشَّيْءِ قَبلَ إِمكَانِ فِعْلِهِ)، سواء كان قبل دخول الوقت، أو بعده قبل انقضاء زمان يسع المأمور به؛ فلا يصح أن يقول: حجوا هذه السنة، ثم يقول قبل دخول عرفة: لا تحجوا، ولا


(١) وقد يقال: لا عبرة في مفهوم الموافقة بالمساواة، ولا سيما في المثال المذكور، ألا ترى أنه قد يخالف حكم الجملة حكم الآحاد، فإن العسكر متألف من الأفراد، وهو يغلب ويفتح البلاد، دون كل شخص على الانفراد؛ ولهذا قالوا: إذا بلغ العسكر المؤمنين اثني عشر ألفاً لم يجز توليهم وإن كثر عدد الكفار وزاد على مثليهم، ولو اعتبر ذلك لما كان الأمر كذلك، ويؤيد هذا قوله تعالى: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا}⁣[الأنفال ١٥] فإن فيه اشتراط أن تكون كلا الفئتين زحفاً، أي: كثيرين، والخطاب للذين آمنوا لا لكل فرد منهم، فعلى هذا يكون التفصيل هو جواز نسخ الأصل دون الفحوى، وامتناع نسخ الفحوى دون الأصل، كما ذكره ابن الحاجب. قسطاس.