[توابع الأحكام الخمسة]
  هذا، واعلم أن المسنون(١) والمندوب ونحوه لا يأثم معتاد تركهما(٢) لغير استهانة(٣)، ولا يفسق على الأصح(٤)، ويندب قضاؤهما.
  فهذه هي الأحكام الخمسة.
[توابع الأحكام الخمسة]
  وأما توابعها فقد أوضحها بقوله: (وَالصَّحِيْحُ) هو: (مَا وَافَقَ أَمْرَ الشَّارِعِ).
  اعلم: أن لفظ الصحة(٥) والبطلان تستعمل تارة في العبادة، وتارة في المعاملة.
  أما في العبادة(٦) فالصحة: موافقة أمر الشارع.
  والصحيح(٧) هو: ما وافق أمر الشارع، أي: ما كملت فيه الشروط التي اعتبرها الشارع، كالصلاة بالطهارة(٨).
(١) مستقلًا؛ كالرواتب، أو لا؛ كمسنون الصلاة الداخل فيها.
(٢) قال في البحر: خلاف المؤيد بالله، والإمام يحيى، والقاضي، فإنهم يقولون: ينكر على تاركها، ولا يفسق. قال شيخنا: ولا ينكر عليه إلا لأجل الإثم عندهم. ولفظ البحر في باب سجود السهو: مسألة: ولا يفسق تارك السنن عمدًا ما لم يستخف. المعتزلة: يفسق لمخالفته إجماع السلف على المحافظة عليها، ولقوله: {وَاتَّبِعُوهُ}[الأعراف ١٥٨]، و: «من رغب عن سنتي فليس مني». المؤيد بالله والإمام يحيى وقاضي القضاة: ينكر عليه وإن لم يفسق؛ للخبر، وظهور تهاونه بالثواب. قلت: لو تحتم لكان فرضًا؛ إذ الفرض ما يستحق تاركه الذم، ويؤيد ما ذكرناه قوله ÷: «أفلح - وأبيه - إن صدق».
(٣) فأما معها فيكفر.
(٤) خلافًا للناصر وجمهور المعتزلة.
(٥) الصحة: هي ترتب الآثار جميعًا، والبطلان: نقيضها، فهو عدم ترتب شيء من الآثار. والأثر للشيء: ما يُقصد منه؛ كحل الانتفاع في المعاملات، وهي في العبادات: موافقة الأمر عند المتكلمين، وإن وجب القضاء كالصلاة بظن الطهارة الظنية ثم حصل العلم في الوقت بعدمها لحصول الامتثال في ظنها. وسقوط القضاء عند الفقهاء، فلا يوصف الفعل بالصحة إلا إذا كان مسقطًا للقضاء، فالصلاة بظن الطهارة صحيحة على الأول، لا الثاني. ح غ.
(٦) قوله: «فالصحة موافقة أمر الشارع ..» الخ، وهاهنا: مسندٌ ومسندٌ إليه وإسناد؛ فالمسند: الفعل المتصف بكونه صحيحًا أو باطلًا. والمسند إليه: الفاعل لذلك الفعل. والإسناد: هو النسبة بينهما أمر معنوي، وهو المتصف بالمصدر.
(٧) أي: الفعل.
(٨) وسائر الشروط.