الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الباب الثامن النسخ]

صفحة 383 - الجزء 1

  وأما الثالث فلأنه أبعد مما قبله⁣(⁣١)؛ للإجماع على تقديم القاطع على غيره، فيلزم خطأ هذا الإجماع، مع تقديم الأضعف على الأقوى، وهو خلاف المعقول.

  (و) كذلك (لا) يصح نسخ (القِيَاسِ) بأن يرفع حكم الفرع مع بقاء حكم الأصل⁣(⁣٢)، قال المصنف: (إِجْمَاعاً) يعني في كلا الطرفين، والظاهر أن هذا إنما هو قول الأكثر، وأن الخلاف ثابت في كلا الطرفين، كما هو مذكور في بسائط هذا الفن، والله أعلم.

  (ولا) يصح (النَّسْخُ بِهِمَا) أي: بالإجماع والقياس غيرهما من الأدلة، كما أنهما لا يُنسخان، (عَلَى) القول (الْمُخْتَارِ(⁣٣)) أما الإجماع فإنما لم ينسخ به لأمرين:

  الأول: أنا إنما تُعُبِّدنَا به بعده ÷، ولا نسخ بعده؛ لأن النسخ إنما يراد لتغيير المصلحة، ولا هداية للمكلفين إلى ذلك.

  والثاني: أن الإجماع لا يخلو: إما أن يكون عن نص أو عن غيره، إن كان عن نص فهو الناسخ لا الإجماع، وإن كان عن غيره: فإن كان الأول - أي: المنسوخ بالإجماع - قطعيا لزم الإجماع على الخطأ، وهو باطل كما مر. وإن كان ظنيا لم يبق


= إن كان لا عن دليل فخطأ، أو عن دليل فيلزم تقدمه على الإجماع المفروض كونه منسوخاً، والناسخ لا يتقدم المنسوخ، والقياس شرطه عدم مخالفة الإجماع، مع أن التعبد به مقارن للتعبد بأصله؛ فيلزم تقدمه على الإجماع، وهو باطل. شرح غاية.

(١) لأنه ظني والظني لا يقابل الإجماع القطعي؛ للإجماع على تقديم القاطع على المظنون. شرح غاية. معنى.

(٢) وحجتنا على عدم صحة نسخه أن صحته مشروطة بأن لا يعارضه قياس أقوى منه أو مساوٍ، فبطل كونه منسوخاً من جميع الوجوه؛ لأنه إذا ثبت ألَّا معارض لا أقوى ولا مساوياً فكيف يصح نسخه؟ فينظر ما زعمه المخالف. ح. السيد داود.

(٣) قال الفقيه عبدالله بن محمد بن خليفه: وفي هذا سؤال، وهو أن يقال: لِمَ أجزتم التخصيص بالإجماع ومنعتم النسخ به؟ فإن قالوا: لأنه لا هداية للمكلفين إلى ذلك؛ فلذلك لم يجز النسخ قيل: وكذلك لا هداية لهم إلى ذلك في التخصيص، فإن قالوا: إنا نجعل مستندهم إلى شيء عرفوه في التخصيص من خبر أو غيره، قيل: فكذلك يجعل إجماعهم مستنداً إلى شيء عرفوه في النسخ، فلا فرق بين النسخ والتخصيص. ح فصول. قال العضد: والفرق بين النسخ بالإجماع والتخصيص به لا يرجع إلى أمر معنوي. حاشية فصول أيضاً.