الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[فائدتان في الاجتهاد]

صفحة 399 - الجزء 1

  ذكر معناه الإمام المهدي # في المنهاج، قال #: وهو دليل قاطع لا غبار عليه، مبني على القول بالعدل والحكمة، وهو واضح المسالك⁣(⁣١).

  وأما الدليل النقلي: فمِن ذلك قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُم(⁣٢) مِّن لِّينَةٍ(⁣٣) أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[الحشر ٥].

  ووجه الاستدلال بها أنها نزلت في رجلين من الصحابة في حال حصار النبي ÷ لبني قريظة، كان أحدهما يجتهد في إفساد نخليهم وقطعها، والآخر يجتهد في تقويمها وتصليحها، فبلغه ÷ خبرهما، فاستحضرهما فسألهما عن شأنهما في ذلك فقال الذي كان يُفسدها: أما أنا يا رسول الله، فخشيت أن لا يحصل الاستيلاء عليهم، وأردت أن لا ينتفعوا بها إن بقوا. وقال الآخر: وأنا وثقت من الله تعالى بالنصر لرسوله، وتمكينه منهم، فتبقى أرضهم فيئًا للمسلمين ينتفعون بها، فجعلت أصلحها لذلك.


(١) ولم يسلكه أحد من المستدلين على إصابة المجتهدين فيما نعلم. منهاج

(*) عبارة المنهاج: وهو أوضح المسالك من جهة العقل

(٢) لا حجة لهم في هذه الآية؛ لأن معناها الإباحة فقط لأنه سوى بين القطع والترك لكل من الفريقين، ولا يجوز ذلك في المذهبين، فطلاق البدعة لا يجوز للناصر # العمل به ولا للهادي اطراحه، فليتأمل ذلك.

(٣) اللينة: النخلة من الألوان، وهي ضروب النخل ما خلا العجوة والبرني، وهما أجود النخيل. كشاف.

(*) الذي في كتب التفسير وأكثر كتب الأثر: أن النبي ÷ أمر بقطع النخيل، وحينئذٍ لا يستقيم ما ذكره أهل الأصول من الاستدلال على هذا الوجه؛ إذ لا مساغ للاجتهاد حينئذٍ، بل يصلح الاستدلال بوجه آخر غير هذا، وهو ما ذكره الزمخشري والحاكم رضوان الله عليهما أن أحد الرجلين عمد إلى العجوة وتركها الآخر، فسئل القاطع فقال: إزالتها لأنها أنفس التمر، وقال التارك: تركتها لرسول الله ÷، وفي الاستدلال ركه عند التأمل من جهتين: هذه المذكورة، وأخرى نص عليها المحققون. منسوبة إلى القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال. قوله: وهو ما ذكره الزمخشري ... إلخ - لفظ الكشاف: روي أن رجلين كانا يقطعان: أحدهما العجوة، والآخر اللون فسألهما رسول الله ÷: فقال: هذا تركتها لرسول الله ÷، وقال هذا قطعتها غيظاً للكفار، وقد استدل به على جواز الاجتهاد، وعلى جوازه بحضرته ÷؛ لأنهما بالاجتهاد فعلا ذلك، واحتج به من يقول: كل مجتهد مصيب.