الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[فائدتان في الاجتهاد]

صفحة 402 - الجزء 1

  الكلام في بيان هذه المسألة وتحقيق كلام الصيرفي، فليرجع إليه.

  واعلم أنه لايجب عليه البحث إلا في كتاب مما قد ظهر تصحيحه، كأحد الصحاح المشهورة، أو ما رواه علماء أهل البيت $ في الكتب التي قد صحت عنهم.

  وأما أنه يجب عليه استيفاء جميع الأخبار الواردة عنه ÷ واستقصاؤها - فلا؛ لتعذر ذلك، لكثرة الرواية عنه ÷ والرواة، حتى خرجت عن حد الضبط، فتأمل ذلك موفقا إن شاء الله تعالى.

  (وَ) المختار أيضا عند أكثر العلماء (أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ) أي: المجتهد⁣(⁣١) (تَقْلِيدُ غَيرِهِ) من العلماء في شيء من الأحكام الشرعية (مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الاجتهاد)؛ لأنه إنما يُكلف بظنه، ولا شك أن المجتهد يجد الطريق إلى الظن، فليس له العمل بغير ظنه، وهو ظن من يقلده، ولو كان ذلك في بعض المسائل على القول بتجزؤ الاجتهاد، والله أعلم. (وَلَوْ) كان ذلك الغير (أَعْلَمَ مِنْهُ). ومنهم من ذهب إلى جواز تقليد الأعلم. (وَلَوْ) كان الأعلم منه (صَحَابِيًّا) أيضا. ومنهم من قال: يجوز تقليد الصحابي ولو لم يكن أعلم.

  والحجة لنا: ما مر آنفا⁣(⁣٢).


(١) في جواز تقليد المجتهد لغيره من المجتهدين قبل أن ينظر في الدليل أقوال: الأول: المنع، فلا يجوز تقليده من لغيره المجتهدين، وهو قول الجمهور.

الثاني: أنه يجوز تقليد من هو أعلم منه، وهو قول محمد بن الحسن.

الثالث: يجوز إن كان من الصحابة؛ لمزيد اختصاصهم بما لم يشاركهم فيه أحد من الفضائل.

الرابع: يجوز التقليد فيما يخصه، لا فيما يفتي به؛ لأن السائل إنما سأله عما عنده، فإذا أفتاه بما لم يكن عنه كان غشاً له.

الخامس: أن يكون الصحابي أرفع رتبة في العلم من غيره من الصحابة، كأحد الخلفاء الأربعة، فإن استووا خُيّر بين من شاء منهم.

السادس: يجوز أن يقلده فيما خشي فوات وقته وتضيق عليه، سواء كان فيما يخصه أو لا.

السابع: يجوز للحاكم لاحتياجه إلى فصل الخصومة.

الثامن: يجوز مطلقاً، وهو قول سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق بن راهويه، وهذا كله قبل النظر من المجتهد، فأما بعد اجتهاده فلا يجوز له التقليد بالاتفاق.

(٢) وهو قوله المتقدم: لأنه إنما يكلف بظنه ... إلخ.