الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الباب الثاني: في الأدلة]

صفحة 47 - الجزء 1

[الباب الثاني: في الأدلة]

  (الْبَابُ الثَّانِي) من أبواب الكتاب (فِي الأَدِلَّةِ(⁣١)) والأمارات، وشروطهما، وكيفية الأخذ بهما.

  (الدَّلِيْلُ) له معنيان: لغوي، واصطلاحي. أما اللغوي فهو: أنه يطلق على⁣(⁣٢) المرشد. والمرشد له معنيان: الأول: الناصب لما يُسترشد به من الدلالة⁣(⁣٣)، قولًا أو فعلًا⁣(⁣٤)؛ فالباري تعالى يوصف بأنه دليل⁣(⁣٥) لأنه مرشد، أي: ناصب للدلالة العقلية والسمعية. والثاني: الذاكر له⁣(⁣٦).

  وكذا يطلق - أيضًا - الدليل في اللغة على: ما به الإرشاد⁣(⁣٧)، كالأعلام التي تنصب في المفاوز لتعرف بها الطرق، وكذا مخلوقات الباري تعالى؛ إذ يحصل بها الإرشاد إلى وجوده تعالى.

  وأما الاصطلاحي - فحقيقة الدليل في الاصطلاح: (مَا يُمْكِنُ(⁣٨) التَّوَصُّلُ


(١) جعل الأدلة جمع قلة؛ لأنها لم تزد على تسعة، وإن اختلفوا في إثبات بعضها ونفي بعضها؛ وبعضهم زاد التفويض.

(٢) قال ابن أبي الخبر في شرح المنتهى: قوله: «والدليل لغة: المرشد» يعني في العرف، وأما في أصل اللغة: فهو المتقدم على القوم ليعرفهم الطريق، وقد ذكر الشيخ أن المرشد يفسر بثلاثة أشياء؛ ومثاله: أن العلم المنصوب في الطريق ليعرف به يسمى: مرشدًا، والذاكر له الذي يقول لك: سر عن يمين العلم أو عن يساره - مرشدًا، والناصب له - أيضًا -: مرشدًا، وما به الإرشاد، وهو العلم نفسه. انظر كيف جعل ابن أبي الخير إطلاق الدليل على المرشد عرفا، ثم قال: وأما في أصل اللغة: فهو المتقدم ... الخ. وأما الشارح | فجعل إطلاق الدليل على المرشد لغة، ففاوت كلامه كلام ابن أبي الخير.

(٣) وهي السمعية.

(*) الظاهر أن يقال: الدليل؛ لأن الدلالة: الأثر الحاصل عن الدليل.

(٤) وهي العقلية.

(٥) فيقال: الدليل على الصانع هو الصانع؛ لأنه الناصب للعالَم دليلا عليه.

(٦) كالعالِم - بكسر اللام - لأنه الذي يذكر للمستدلين كون العالَم - بفتح اللام - دليلا على الصانع.

(٧) وما به الإرشاد يقال له: المرشد مجازًا؛ لأن الفعل قد يسند إلى الآلة، فيقال للسكين: إنه قاطع مجازًا. قسطاس.

(٨) والمراد بالإمكان العام هنا: هو العام، أي: سلب الضرورة عن الجانب المخالف. وقال بعض أهل التحقيق: بل يجوز أن يراد به الإمكان الخاص، أي: سلبها عن الجانبين، فيكون معناه بالضرورة في =