الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[توابع الأحكام الخمسة]

صفحة 48 - الجزء 1

  بِصَحِيْحِ (⁣١) النَّظَرِ فِيهِ (⁣٢) إِلَى الْعِلْمِ (⁣٣) بِالغَيْرِ(⁣٤)) وهو المدلول.

  وإنما قال: «مَا يُمْكِنُ»، دون: «ما يتوصل» تنبيهًا على أن الدليل من حيث هو دليل لا يعتبر فيه التوصل بالفعل، بل يكفي إمكانه.

  والنظر هو: الفكر⁣(⁣٥)، وهو ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى مجهول⁣(⁣٦)، كما يقال في الاستدلال على حدوث العالم - بعد العلم بأنه متغير، وأن كل متغير حادث -: العالم متغير، وكل متغير حادث، فيؤدي هذا الترتيب إلى مجهول، وهو كون العالم⁣(⁣٧) حادثًا.


= طرفي التوصل، أي: يجوز أن يتوصل وألَّا يتوصل.

(١) وهو المشتمل على شرائطه مادة وصورة. ح غ. قال في القسطاس: المادة: بأن يكون فيها وجه الدلالة، أعني: ما به ينتقل الذهن، كالحدوث للعالم. والصورة: بأن لا تخرج عن تعريف الأشكال المعتبرة التي يذكرها أهل المنطق.

(٢) وأراد بـ «النظر فيه»: ما يتناول النظر فيه نفسه، وفي صفاته وأحواله، فيشمل المقدمات التي هي بحيث إذا رتبت أدَّتْ إلى المطلوب الخبري، والمفرد الذي من شأنه أنه إذا نظر في أحواله أوصلَ إليه كالعالَم. قسطاس.

(٣) فلا يخرج عن كونه دليلا بأن لا ينظر فيه أصلاً، ولو اعتبر وجوده لخرج عن التعريف، ما لم ينظر فيه أحد أبدًا. قسطاس.

(٤) هذا تعريف الدليل عند الأصولي، وأما تعريف المنطقي فهو - أي: الدليل -: قولان فصاعدًا يكون عنه قول آخر، وهذا يتناول الأمارة؛ لأنه شامل للقياس البرهاني والشعري والسفسطي. والحاصل: أن الدليل عند الأصوليين على إثبات الصانع تعالى هو العالَم، وعند أهل المنطق هو: «العالم حادث، وكل حادث فله صانع». ويجوز أن يكون الدليل عند الأصوليين مفردًا ومركبًا، وعند المنطقيين لا يكون إلا مركبًا تصديقيًّا، هكذا حقق معناه شارح الورقات.

(٥) في القاموس: الفِكر - بالكسر ويفتح -: إعمال النظر في الشيء⁣[⁣٠]، كالفكرة والفكري بكسرهما.

[٠] في القاموس: الفِكر - بالكسر -: النظر في الشيء، كالفكرة.

(*) المطلوب به علم أو ظن.

(٦) أي: إلى العلم بالمجهول.

(٧) أقول: وجه الدلالة في المقدمتين - وهو ما لأجله لزمتهما النتيجة - أن الصغرى باعتبار موضوعها خصوص، والكبرى باعتبار موضوعها عموم، واندراج الخصوص في العموم واجب، فيندرج موضوع الصغرى في موضوع الكبرى، فيثبت له ما ثبت له، وهو محمول الكبرى نفيًا أو إثباتًا، فيلتقي موضوع الصغرى ومحمول الكبرى، وهو النتيجة، وذلك نحو: العالَم مؤلف، وكل مؤلف حادث، فإن «العالم» أخص من «المؤلف»، فلذلك تقول: «العالم مؤلف» حكم خاص بالعالم و «كل مؤلف حادث» حكم عام للعالم وغيره، فيلتقي العالم والحادث. عضد.