[توابع الأحكام الخمسة]
  وقد يقال في حقيقتها على انفرادها: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى الظن(١) بالغير. (وَقَدْ تُسَمَّى) الأمارة (دَلِيلًا تَوَسُّعًا(٢)) وتجوزًا.
  ومنهم من لم يفرق بينهما ويقول في حقيقتهما(٣): ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى المطلوب(٤).
  (وَالعِلْمُ) قد يطلق(٥) في المشهور على معانٍ: أحدها: مطلق الإدراك، الذي يعمُّ التصورَ(٦)، وهو ما يحصل بالمعرِّف(٧)، والتصديقَ، وهو ما يحصل بالبرهان(٨): إما مطلقًا(٩)، أو مقيدًا بكونه يقينيًّا(١٠).
  وثانيها: مطلق التصديق(١١)، الذي يساوي(١٢) اليقيني من الأحكام.
(١) كما إذا قيل: فلان يطوف بالليل، وكل من يطوف بالليل فهو سارق، فيحصل بهذا ظن؛ لأنه قد يكون الطائف عابدًا.
(٢) ولعله يعني: عند المتكلمين، وأما عن الأصوليين والفقهاء فشمول الدليل للقطعي والظني من باب الحقيقة. واعلم أنه يمتنع معرفة ما لا يدرك بالضرورة بغير دليل، والمدرك بالضرورة لا يحتاج إلى دليل، وإن ذكر فعلى سبيل البيان له، لا للحاجة إليه. ح حا.
(٣) أي: الدليل، والأمارة.
(٤) لفظ غاية السؤل: إلى مطلوب خبري. قال في الشرح: وتقييد المطلوب بالخبري لإخراج القول الشارح، ولو قيد بالتصوري لكان حدًّا له، ولو جرد لكان للمشترك بينهما، أعني: الموصل إلى المجهول. ولما كان التوصل أعم من أن يكون إلى علم أو ظن تناول التعرف القطعيَّ والظنيَّ.
(٥) بالاشتراك.
(٦) كإدراك ماهية الفرس.
(٧) معَرِّف الشيء: ما يقال عليه لإفادة تصوره، مثل قولنا: «الإنسان حيوان ناطق». وهو القول الشارح.
(٨) الصواب أن يقال: بالقياس؛ إذ البرهان قسم من القياس، والتصديق يحصل بأقسام القياس ولأن البرهان لا يكون إلا يقينيًّا، فلا يصح حينئذٍ قوله: «إما مطلقًا ..» الخ إذا رجع إلى التصديق الحاصل بالبرهان.
(٩) أي: سواء أفاد علمًا أو ظنًّا. مثال الظني: أن يقال: «فلان يطوف بالليل، وكل من يطوف بالليل سارق ..» الخ.
(١٠) وهذا القياس الذي مقدماته يقينية لا وجه لتقسيمه إلى: يقيني وغيره. سماع. قوله: «مقدماته»؛ نحو قولنا: «العالم متغير، ..» الخ.
(*) كالاستدلال على حدوث العالم.
(١١) أي: التصديق الذي يشمل اليقيني والظني معًا.
(١٢) يعني: في العمل به.
(*) كما في قولهم: «الفقه العلم»، فإن المراد منه مطلق التصديق، وهو بهذا المعنى مساوٍ لليقيني من الأحكام في وجوب العمل به بمعنى أنه يجب العمل به كما يجب باليقيني، فهو ها هنا أعم من الظن والعلم.