الوافد على العالم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[المعرفة ورسومها]

صفحة 18 - الجزء 1

  

  وبه نستعين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد ÷.

  روي بالإسناد الصحيح أن وافداً وفد على عالم من علماء آل رسول الله ÷ قيل: إنه القاسم بن إبراهيم #، فلما نظر إليه الوافد نظر رجلاً جسمه لا يشبه اسمه، فسلم عليه، فرد العالم السلام، وأطال الوافد الوقوف، وأطال العالم السكوت.

  فقال الوافد: إن لكل طالب حاجة.

  فقال العالم: ولكل كلام جواب.

  فقال الوافد: صدقت، إن الله سبحانه يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}⁣[النحل: ٤٣] فعلم العالم أنه يريد منه علماً.

[المعرفة ورسومها]

  فقال له العالم: إن العلم بحر عميق.

  فقال الوافد: ولكل بحر سفينة ينجو بها راكبها.

  فقال العالم: وما سفينة بحر العلم؟

  فقال الوافد: المعرفة.

  فقال العالم: المعرفة اسم أم رسم؟

  قال الوافد: اسم ورسوم.

  قال العالم: كم رسوم المعرفة؟

  قال الوافد: يكفيك منها خمسة.

  قال العالم: وما هي؟

  قال الوافد: تعرف نفسك، وتعرف ربك، وتعرف دينك، وتعرف دنياك، وتعرف آخرتك، فإذا عرفت ذلك كله فلا حاجة لك إلى غيره.