[معرفة الله]
  معرفة النفس - معرفة الله - معرفة الدين
[معرفة النفس]
  قال العالم: كيف تعرف نفسك؟
  قال الوافد: أعرف حدثها، وأعرف صنعها، وأعرف عجزها، فأجهدها في طاعة ربها، وأحملها على الخوف بحالها واحتمال الأذى، وأحثها على الطلب لما فيه نجاتها، وأصرفها من الكذب إلى الصدق، ومن الطمع إلى الورع، ومن الشك إلى اليقين، ومن الشرك إلى الإخلاص، وأخرجها من محبوبها في الدنيا، وأريضها في السفر حتى تنال كرامة الله في الآخرة.
[معرفة الله]
  قال العالم: وكيف تعرف ربك؟
  قال الوافد: اعرفه بما عَرَّفَ به نفسه من الوحدانية، ولا أشبهه بشيء من البرية، لا يحد بالحدود، ولا يوصف بالصفات؛ إذ هو سبحانه خالق كل صفة وموصوف.
[معرفة الدين]
  قال العالم: وكيف تعرف دينك؟
  قال الوافد: أعرفه بالشريعة التي سنها الرسول ÷، وصدقها المحكم من التنزيل، وشهدت لها غرائز العقول، وهي على ثلاثة وجوه: قول وعمل واعتقاد.
  فسبيلها واضح، وطالبها رابح، قد تميز دليلها، وشهد لها بالصدق من ذوي العلم عقولها، فقد كفونا مؤنة الطلب بباهر الاحتجاج، وقطعوا عنا علائق الاعوجاج، حتى ما بقي في ذلك شك ولا اختلاج - فقصدت عند ذلك بنية صحيحة، حتى عرفت الأصل والفرع، وبحثت بغائص عقلي فوجدت ذلك صحيحاً واضحاً مبيناً، وفي كتبهم مشروحاً معيناً، كلاماً مبرهناً، قد حملوا À عنف ذلك وثقله، وأوضحوا فرع ذلك وأصله، حافظين فيه الأمانة، مجتنبين الغش والخيانة، قد شيدوا بنيانه، وعظموا سلطانه، وأثبتوا في العقول برهانه، فليس لأحد من بعدهم مطلب، ولا لمسترشد من دونهم مذهب، ولا عاقل في غير مذهبهم يرغب.