الوافد على العالم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[أمر الأشياء]

صفحة 25 - الجزء 1

  لأخيه المسلم جاء يوم القيامة ولوجهه⁣(⁣١) نور يضيء مثل نور القمر، وتلقته الملائكة بالبشارة، ودخل الجنة آمناً، وأعطاه الله من الثواب ما لا يصفه واصف، ولا يحيط بمعرفته عارف.

  أمرّ الأشياء - أطيب الأشياء - أهول الأشياء

[أمرُّ الأشياء]

  قال العالم: فما أضرَّ الأشياء؟

  قال الوافد: سيئة يتبعها سيئة، ولا يكون عليها ندامة، ولا يرجع عنها صاحبها إلى توبة.

[أطيب الأشياء]

  قال العالم: فما أطيب الأشياء؟

  قال الوافد: العافية مع المعرفة، ووضع الأشياء في مواضعها، ومجالسة العلماء، ومدارسة الحكماء، وحضور مجالس الذكر، والتفكر في الصنع، والمبادرة في أعمال البر، وصلاح ذات البين، والتجهز للرحلة، والاستعداد للموت.

[أهول الأشياء]

  قال العالم: فما أهول الأشياء وأعظمها فزعاً؟

  قال الوافد: إذا نفخ في الصور، وبعثر من في القبور، واجتمع الخلائق، إلى الموقف المتضايق، فهنالك الفزع العظيم، والخَطْب الجسيم، وكل واحد منهم يقول: نفسي نفسي، لا يسأل في ذلك اليوم والد عن ولده، ولا ولد عن والده، ولا أخ عن أخيه {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}⁣[المدثر: ٣٨].

  قال: فلما انتهى الكلام بالعالم والوافد إلى هذا الحد عرف العالم أن الوافد حسن المعرفة، جيد الفطنة، رصين الدين، صحيح اليقين، متين الورع، كثير


(١) في الأصل: ولوجه. وقد أدخلنا بقية التصحيحات لما كان في الطبعة الماضية غير مفهوم من دون إشارة إلى النسخة، واستئناساً بما في مجموع الإمام القاسم # المطبوع.