الوافد على العالم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[أطوار خلق الإنسان]

صفحة 38 - الجزء 1

  ثم تنظر إلى جميع ما سخر لك من جميع ما خلق الله وذرأ وبرأ، من السماء التي زينها بالكواكب والشمس والقمر، وأجرى ذلك لمنافعك، وما جعل من الرياح والسحاب، وما جعل في الأرض من الحيوان المسخر، المجبور المقهور، المنقاد إلى المنافع - فتحمد الله على ذلك كثيراً.

  الصبر - أطوار خلق الإنسان

[الصبر]

  قال الوافد: فما وراء ذلك؟

  قال العالم: الصبر على قضاء الله، فما جاء من عند الله حمدت الله عليه، ولم تسخط ذلك، وسلَّمت لأمر ربك، ورضيت بقضاء خالقك، وحمدت الله على ذلك كثيراً.

[أطوار خلق الإنسان]

  قال الوافد: فما وراء ذلك؟

  قال العالم: تنظر بعد ذلك إلى نفسك، فتعلم أن الله خلق الإنسان من نطفة، تقع في رحم مظلمة، تقيم في الرحم سبعة أيام، ثم ترجع دماً، فيكون ذلك الدم علقة أربعين يوماً، ثم يجعلها الله تعالى مضغة ذكراً أو أنثى، فيكون فيه الروح لسبعة وسبعين يوماً.

  ثم يخلق الله تعالى العروق والعظام والعصب، ثم يصيره بعد ذلك لتمام مائتين وسبعين يوماً، وذلك ستة آلاف وأربعمائة وثمانون ساعة، فجميع ذلك حمل الولد لتمام حمل أمه، كاملة أشهره وأيامه وساعاته، فأشهره تسعة أشهر، وأيامه مائتان وسبعون يوماً، كل شهر ثلاثون يوماً، وساعاته ستة آلاف وأربعمائة وثمانون ساعة، فهذه أيام الولد كاملة، وأشهره وأيامه وساعاته.

  وفي تركيبه الحرارة والبرودة واليبوسة واللين، فالدم حارٌّ ليِّن، والمرة الصفراء حارة يابسة، والمرة السوداء باردة يابسة، والبلغم بارد رطب.

  وتركيب الإنسان اثنا عشر فصلاً، وله مائتان وثمانية وأربعون عظماً، وله