الوافد على العالم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[حساب النفس]

صفحة 65 - الجزء 1

  لا بد من العرض على الملك الفرد، لا بد من القبر، لا بد من الحشر، لا بد من النشر.

  لا بد من حسرة، لا بد من عثرة، لا بد من زوال، لا بد من ارتحال، لا بد من الجزاء على الفعال.

  خنت بالعينين، أصغيت بالأذنين، أخذت الحرام باليدين، سعيت إلى المعاصي بالرجلين، حركت بالكذب الشفتين، قطعت الرحم وعقيت الوالدين.

  أعرضت عن مولاي، تتبعت هواي، نسيت ما بين يدي.

  غفلت عما أساق إليه، لم أذكر ما أعرض عليه.

  كأني وقد عَدِمْتُ بصر العينين، وسمع الأذنين، وبطش اليدين، ومشي الرجلين. كأني وقد منعت الخطاب بلساني، وسلبت القوى من أركاني، ونزعت روحي وأدرجت في أكفاني.

  فويلي من ملائكة يشهدون عليَّ بما صنعت، ويحفظون ما ضيعت، فيا كربتاه، ويا غماه، ويا حزناه، ويا غصصاه، ويا شجناه، ويا غبناه، ويا سوْءة حالتاه. ثم قال:

  وصحيح أضحى يعود مريضاً ... هو للموت أدنى ممن يعود

  وأطباء بعدهم لحقوهم⁣(⁣١) ... ضل عنهم سعوطهم والبرود

  أين أهل الديار من قوم نوح؟ ... ثم عاد من بعدهم وثمود

  بينما هم في النمارق والديباج ... أفضت إلى التراب الخدود

  ثم لم ينقض الحديث ولكن ... بعد ذاك الوعد ثم الوعيد⁣(⁣٢)

  فأجابه العالم: وهو يقول: إذا سمعت من يصلي على الرسول


(١) تخوفهم (نخ).

(٢) في بعض هذه الأبيات إشكالات وزنية وقد أثبتها كما هي في الأصل.