الوافد على العالم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[ثواب من يقوم الليل]

صفحة 70 - الجزء 1

  يا أهل القرآن تهجدوا بذكر الرحمن، يا أهل القرآن معكم النذير والبيان.

  من سهر في الليل وقام، وتَجَوَّع بالنهار وصام - كان مقامه في الآخرة خير مقام.

  يا أهل الليل قد غلقت الملوك عليها أبوابها، وطاف⁣(⁣١) عليها حجابها، وطلبت صحبة أصحابها، وأرخى أهل المعاصي أستارها، وأنا الملك الجبار، العزيز الغفار الستار - أطلب عبادي، وأزيد أهل ودادي، ومن يختار على مراده مرادي، أقول: يا عبادي، أبشروا بودادي، وبالثواب في معادي.

  قال الوافد: ما أجرأ العباد على المعاصي لم يخافوا الأخذ بالنواصي.

  كم تغفل وتنام؟ وتظلم الأيتام؟ كأني بك وقد غافصك⁣(⁣٢) الحمام وأنت غافل في ألذ منام، يا من هو مقيم على القبائح والآثام، أما تخاف انقطاع الأيام، وحلول الْحِمَام، وشهادة الملائكة $؟!

  قال العالم: في الليل يقرع باب الوهاب، في الليل خلوة الأحباب، في الليل تقبل توبة من تاب، في الليل يستغفر من بهت واغتاب، الليل يعمر القلب الخراب، في الليل يجيء الجواب، الليل لأهل الصلاة في المحراب.

  يا أهل الأسحار لكم الأنوار، يا أهل الليل خففت عنكم الأوزار، يا أهل الليل أبشروا برضا الجبار، ومرافقة الأخيار الأبرار، يا أهل الأسحار أقبلوا على الاستغفار.

  في صلاة الليل النجاة من الويل، في المناجاة نجاة، في الصلوات صِلات، أقْبِلوا فهو ذو الإجابة، هلموا فهو ذو الإنابة، اعملوا بالصواب يفتح لكم الباب، أطيعوا فهو يضاعف لكم الثواب.

  سلوا الأمان يا أهل الإيمان، تضرعوا إلى الحبيب، فهو إلى المتضرعين قريب، ارجعوا إليه يكن لكم من كل خير نصيب.

  السهر السهر، يا من هو على سفر، الإدلاج الإدلاج، يا طالب المنهاج،


(١) قامت. (خ).

(٢) في القاموس: غافصه: فاجأه.