الوافد على العالم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[فضل الصيام والإقلال من الطعام]

صفحة 71 - الجزء 1

  البكور البكور، يا من يريد السرور، الأسحار الأسحار، يا من كثرت منه الأوزار، الضراعة الضراعة، يا من كثرت منه الإضاعة.

  فضل الصيام والإقلال من الطعام - المراقبة

[فضل الصيام والإقلال من الطعام]

  قال الوافد: صفْ فضل الصيام، والإقلال من الطعام.

  قال العالم: أكثر من الصيام - تسلم من الآثام، أقل من الطعام - تسبق إلى القيام، من شبع من الطعام - غلبه المنام، ومن غلبه المنام - قعد⁣(⁣١) عن القيام.

  الشبع يظلم الروح، ويترك القلب مقروح⁣(⁣٢)، الجائع عفيف خفيف، والشبعان عاكف على الكنيف، من لم يزل شابعاً - لم يزل الشيطان له متابعاً.

  الشبع يكسب الجزع، ويذهب الورع، ويكثر الطمع. الصوم جُنَّة من النار، ورضاً للجبار.

  من أطاع ضرسه أضاع نفسه، الجوع في الفؤاد نور، وفي المعاد سرور، من استعمل القصد استغنى عن الفصد، من أشفق على نفسه لم يتبع شهوات ضرسه! من أطاع أسنانه هدم أركانه، من قنع شبع، ومن شبع طمع.

  كم من طاعة نبعت من مجاعة، كم من قناعة أتت بخير بضاعة، لا مجاعة مع القناعة.

[المراقبة]

  قال الوافد: صف لي المراقبة.

  قال العالم: من راقب الله في الخلوات - أجاب له الدعوات، المراقبة تورث المحاسبة، راقب مولاك في الليل إذا دجاك، وفي النهار إذا أضاك - يعصمك من هواك.

  اذكر نظر الله إليك، ولا تنسَ طاعته عليك، أما تعلم أن الرب إليك ناظر، وعليك في كل الأحوال قادر.

  أما تعلم أن مولاك يراك، ويسمع سرك ونجواك، ويعلم منقلبك ومثواك؟!


(١) بعد. (خ).

(٢) كذا ولعله على لغة ربيعة، لتوافق السجعة الأولى.