الوافد على العالم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[الإخلاص]

صفحة 78 - الجزء 1

  والرابع: الرياء.

  والخامس: العجب.

  والسادس: الشهوة.

  والسابع: البخل.

  فما دخل على المؤمن من هؤلاء فقد نقص إيمانه ومثل ذلك مثل الثوب الجديد الأبيض، يصيبه شيء من الدنس والغبار، فيذهب من نوره وصفائه وبهائه على مقدار الغبار والدنس، وإن كان الثوب في الأصل جديداً لا عيب فيه، وكذلك مثل الإنسان في صلاته يكون في طهارته محكماً وفي ركوعه وسجوده محكماً، فظاهره طاهر، وباطنه محشو من الآفات والتخاليط، فمن خلط فقد اغتر، واستعبده الهوى، وزين له شيطانه، وخيلت إليه نفسه الكذب صدقاً، والباطل حقاً، ولم يستحق اسم الإخلاص، ولو أن مؤمناً بلغ من كراماته عند الله أن يطير في الهواء - لم يزده ذلك إلا شدة وخوفاً واجتهاداً في العبادة، وما ازداد عند الله خشية إلا ازداد عند الله عبادة. وما جعل الله للخالص⁣(⁣١) إلى الرخصة سبيلاً. فمن كان لله أعرف، فهو لله أخوف.

  فينبغي لمن أراد الإخلاص في عمله ألاَّ يسكن روعته، ويكون خائفاً، وجلاً حزيناً، وإذا كان الخوف والحزن - وافقهما القبول من الله؛ لأن الخوف والحزن معدن⁣(⁣٢) للصفا، ومخ الإخلاص وبنيانه، وكل عمل لم يكن يوجل القلب عليه فقد حفت بعمله الآفات من حيث لا يشاء، وإن لأعمال الطاعات آفات مختلفة مغطاة، ليس يعرفها إلاَّ كل مطيع، وذلك أن الطاعة ربما هاج من صاحبها العجب والرياء، والفخر والأمان، من غير أن ينظر لها، فالعاقل يهتم لصفاء عمله وإخلاصه، ولا يغفل عن ذلك في ليله ونهاره، وحركته وسكونه، وذلك مما يدخل عليه من هوية النفس وتلبيس الهوى.


(١) للمخلص. (ظ).

(٢) في الأصل معدناً للصفا.