الوافد على العالم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[كيفية إخلاص العمل]

صفحة 79 - الجزء 1

  تصحيح الإرادة - كيفية إخلاص العمل

[تصحيح الإرادة]

  قال الوافد: صف لي تصحيح الإرادة.

  قال العالم: إذا علم الله من قلبك صحة الإرادة وإخلاص العمل - أوصلك إلى الخيرات، وهدى قلبك، ويسّر أمرك، وجمع شملك، وهوّن عليك الصعوبة، وقمع عنك الشهوات، وبغّض إليك الدنيا، وبصّرك عيوبها وأدواءها حتى تعافها.

  وإذا عرف منك الصدق والاجتهاد، وعلم أنك لا تختار عليه غيره - قبل الله سعيك، وشكر عملك، وصار اجتهادك تلذذاً وحلاوة، فإذا رآك الله تعمل على الحلاوة ولا تتوانى، ولا تختار عليه الدنيا، ولا تتبع هواك، ولا تطلب شهوتك - قبل الله منك عملك، ونثر عليك من صفاء بره، ونثر عليك من مخزون رحمته، وكثر عليك عطاء ربك، ومنحك من خزائن جوده، وجزيل مواهبه ومعونته ما تقر به عينك، وما إذا رأيته زادك اجتهاداً وخوفاً وعزماً، ونظّر أثر ذلك عليك، وأورث قلبك النور والتقى والهدى، والشبع من الدنيا، وأغناك عمن دونك، وأعطاك من عطائه مالم تحسن أن تتمنى قبل ذلك، والله كريم يقبل اليسير، ويعطي عليه الثواب الكثير.

[كيفية إخلاص العمل]

  قال الوافد: كيف أخلص العمل؟

  قال العالم: إنك لا تدرك ذلك إلاَّ بالعزم، ومن كمال العزم قلة التسويف، ولزوم الصدق، وتمام النية، ومن تمام النية إخلاص العمل، ومن إخلاص العمل الصدق، ومن الصدق نقاوة القلب.

  ومن تمام نقاوة القلب ستة عشر خصلة، بعضها على إثر بعض، وهي درجات الصالحين:

  أولها الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، وترك التزين من نفسك، وترك التصنع للناس، وترك الحسد، ورفض الشهوات، والزهد في الحطام، والتجافي عن دار