[ما هي المعرفة]
  ما هي المعرفة - معرفة الله
[ما هي المعرفة]
  قال الوافد: أيها العالم بين لي المعرفة ما هي وكيف هي؟
  قال العالم: أما هي فإصابة الأشياء بأعيانها، ووضعها في مواضعها، ومعرفتها على حقيقتها، وأما كيف هي فإصابة المعاني؛ فما شيء إلاَّ وله معنى يرجع إليه، فإصابة الأشياء بالنظر والتفكر، والتمييز والسمع والبصر، وإصابة المعاني بالتفكر والاعتبار والعقل.
[معرفة الله]
  قال الوافد: فما معرفة الله ø؟
  قال العالم: هي أن تعلم أن الله ø لا تدركه الأبصار، ولا يحويه مكان، ولا يحيط به علم ولا يتوهمه جَنَان، ولا يحويه الفوق ولا التحت، ولا الخلف ولا الأمام، ولا اليمين ولا اليسار، تعالى عن ذلك علواً كبيراً، لا يعلم كيف هو إلاَّ هو.
  فتعرفه بهذه المعرفة، فما توهَّمهُ قلبُك فربُّك بخلافه ø، وذلك قوله تعالى في كتابه لنبيه ÷: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}[الإخلاص] فتقول كما أمرت، وتعمل كما قلت، وتشهد بما علمت، وتعلم كما شهدت، أن الله الواحد القهار، الملك الجبار، المحيي المميت، الحي الذي لا يموت، خالق كل شيء، ومالك كل شيء، الكائن قبل كل شيء، الباقي بعد كل شيء، ليس كمثله شيء، وهو على كل شيء قدير، فهذه معرفته بالتفكر.
  وأما المعرفة بالفكر، والنظر بالقلب، والتمييز بالألباب - فهي في عظيم قدرة الله وارتفاعه، وعلوه وبقائه، ونفاذ أمره، وبيان حكمته، وإحاطة علمه، وكثرة خلقه، وسعة رزقه، وجود كرمه، وكرم تطوله، وبيان حُكْمه، وحسن رأفته، وقرب رحمته، وجميل ستره، وطيب عافيته، فلله الحمد على ذلك.