الوافد على العالم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[الشكر]

صفحة 37 - الجزء 1

[الشكر]

  قال الوافد: وكيف يكون الشكر؟

  قال العالم: الشكر على سبعة أشياء.

  قال: وما هي حتى أعرفها؟

  قال العالم: الخلق، والْمَلَكَة، والرزق، والعافية، والعلم، والقدم، والقدرة.

  فتنظر إلى ثبات عقلك، وتمام خلقك - فتحمد الله العظيم على ذلك كثيراً.

  ثم تنظر إلى الملكة - فكم من ذي روحٍ غيرُه له مالك، والله مالك كل شيء، وأنت لا مالك لك - فتحمد الله على ذلك كثيراً.

  ثم تنظر إلى الرزق، فإذا هو من عند الله سبحانه فتحمد الله على ذلك كثيراً.

  ثم تنظر إلى مالك وولدك، وطعامك وشرابك ولباسك، ونومك ويقظتك، وانظر إلى اختلاف الليل والنهار، كيف يقربان البعيد، ويُخْلِقَان الجديد.

  ثم تنظر إلى العافية وإلى كل شيء تخافه على نفسك، في ليلك ونهارك، مما ترى ومما لا ترى، فتعلم أنه لا يدفع ذلك ولا يصرفه ولا يكفيك ما ترى وما لا ترى إلاَّ الله سبحانه - فتحمد الله على ذلك كثيراً.

  ثم تنظر إلى المصائب التي تصيب الناس في أبدانهم المركبة عليهم، فتعلم أن في تركيبك مثل ما في تركيبهم، فتحمد الله الذي ستر عليك، مما ظهر على غيرك، من العلل والآفات، ثم تنظر إلى من كان من قبلك، وإلى من هو كائن من بعدك، في دنياك وآخرتك، فتحمد الله على ما مضى وتسأله النجاة في ما بقي.

  ثم تنظر إلى العلم، فتعلم أنه تعالى قد علم ما هو كائن قبل أن يكون ثم تنظر إلى القدم فتعلم أن الله قديم لم يزل، ولا يزول، ولا يزال.

  ثم تنظر إلى القادر، فتعلم أن الله قادر لا بقدرة غيره، سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.