[الإخلاص]
  إرادته، وليكن ذلك من خالص قلبه.
  فإن فعل ذلك كان صادقاً في إرادته من عبادته، فإن الصادق المحب، المستمر في الطاعة - ينبذ الدنيا وراء ظهره، ويظمأ نهاره، ويسهر ليله، ويترك شهواته، ويخالف هواه، ويقصر أمله، ويقرب أجله، ويخلص عمله من الآفات والتخاليط، ويرتعد بدنه من خوف الله، قد عزف الدنيا عنه لما عرف مكرها، وخاف مضرتها، لم ينظر إليها بقلبه، ولم يمش إليها بقدمه، ولم يبطش فيها بيده، حذراً من الدنيا، وحذراً من شرورها وفتنتها، فهو هارب بنفسه حذراً من أهلها، فقلبه غير غافل عن الله، مداوم على الذكر، وقد عزل عن نفسه كل شغل شغله عن الله ø، وأقبل على قلبه فعمره بذكر ربه، وجعل ذلك صافياً خالصاً لله تعالى، فهو خائف وجل مرعوب، هارب من الدنيا وأهلها، محافظ على عمله، قائم على نيته، فبذلك يهتدي الضال، ويسلك الطريق، ويستجيب الله دعاءه، ويملكه من قصور الجنة، ويزوجه من حور العين، ويخدمه الولدان، فطوبى له وحسن مآب.
[الإخلاص]
  قال الوافد: صف لي الإخلاص.
  قال العالم: إن مثل نور الإخلاص مثل نور الشمس، لو غطى عين الشمس أدنى الغيم - تكدر من ضوئها على مقدار ذلك الغبار، وإن كانت عين الشمس في ذاتها صحيحة فذلك مثل الصفاء والإخلاص، وكذلك كل عمل يكون أصله لله خاصة فهو له خالص، ثم ربما شابه شيء من الدنس والكدر فأحبط عليه عمله، فالآفات التي تحبط العمل سبع:
  أولهن: الكبر.
  والثاني: الحسد.
  والثالث: الحرص.