[المتوكل على ربه]
  ثم لو نظر في مطعمه وملبسه، وكسبه وحرصه على دنياه - لعرف سوء حاله. ولو حفظ على نفسه سعي بدنه وجوارحه، وكثرة ما يخرج من لسانه - لتبين له ما يرد عليه في يوم واحد، ولعلم جراحة دينه، ثم لو كان صادقاً في توكله وانقطاعه إلى ربه - لترك دنياه وعمل لآخرته، ولكان حريصاً على طلب الخير، ولحذر على نفسه من سوء الحساب وكثرة الأهوال.
[المتوكل على ربه]
  قال الوافد: صف لي المتوكل الواثق بربه.
  قال العالم: عجباً لمن يثق بالمخلوق، ولا يثق بالخالق، ومن يهتم بالرزق، وقد ضمن به الرازق.
  ثق بكفاية الله واعتمد عليه، ورُدّ أمورك وأحوالك كلها إليه، من لم يثق بضمان مولاه وكله إلى خدمة دنياه.
  إن الله سبحانه يقول {وَما منْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود: ٦] ما أعجب أمورك! تأمن ما رُهِّبْتَ، وتحزن لما كُفِيت، ولا تشكر على ما أُعْطِيت.
  إلى كم تأسى على المفقود؟ وقد ضمن الرزق الملك المعبود؟ إلى كم الحزن على القوت، وقد ضمن القوت الحي الذي لا يموت؟
  الرزق مقسوم، وطالبه مغموم، كثير الهموم.
  من جعل بالمولى اشتغاله - كفاه المولى في الدارين أشغاله.
  من وكل أموره إلى مولاه - لم يكله إلى أحد سواه، وأغناه وكفاه، وآواه وأعطاه، ومن اعتصم بالله وقاه، ومن استعاذ به أنجاه، ومن أمل إفضاله - لم يحرمه نواله.