درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

في التوبة وصية أمير المؤمنين عليه صلوات الله وسلامه

صفحة 107 - الجزء 1

في التوبة وصية أمير المؤمنين عليه صلوات الله وسلامه

  

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الواحد ذي البرهان والأول ذي السلطان، الحمد لله الكائن قبل السماوات والأقطار، وقبل الليل والنهار، وقبل الظُلَم والأنوار، فهو الأول بلا بداية، والآخر بلا نهاية، العالم بكل شيء، والقادر على كل شيء، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم.

  نحمده حمداً لا يحيط به إلا هو ولا يسعه إلا علمه ولا يحصيه أحد غيره.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي خلق الخلق فأرشدهم وهداهم، وبالنعم العظيمة الجليلة ابتدأهم، ولم يصدهم عن رشدهم، ولم يحل بينهم وبين نجاتهم.

  وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين، أرسله إلى الناس بالإعذار والإنذار، والترغيب في الجنة والتحذير من النار؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.

  عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله فاتقوا الله وآمنوا به، فمن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً، {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ٨ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ٩}⁣[التغابن].

  أيها الناس، أما آن لنا أن نصطلح مع الله؟ أما آن لنا أن نعود إلى الله؟ أما آن لنا أن نتمسك بمن أمَرَنَا بالتمسك به للنجاة ونأمن من الضلال؟ أما آن لنا أن نوطن أنفسنا على التزام الحق وأن نربي أولادنا على ذلك؟

  {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ