درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

في فضل رجب وفيها ذكر إسلام أهل اليمن ومولد أمير المؤمنين #

صفحة 143 - الجزء 1

في فضل رجب وفيها ذكر إسلام أهل اليمن ومولد أمير المؤمنين #

  

  الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، الحمد لله الذي رفع السماء بلا عمدٍ ترونها وبسط الأرض، وأسكن فيها عُمَّارها لتأدية شرعه في النفل والفرض، وخلى بين عباده تكليفاً ليوم النشور والعرض.

  أحمده حمد الشاكرين، وأشكره شكر الذاكرين، ونؤمن به إيمان من صدق قوله العمل، ونتوكل عليه توكل من قطع إلا إليه الأمل.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل، ولا خُلْف لقوله ولا تبديل، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المؤيد بالمعجزات العظام، والداعي لنهج العدالة والسلام، صلى الله وسلم عليه وعلى آله البررة الكرام.

  عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته والإقبال إليه بصدق العزائم، فنحن في مواسم القبول لمن أقبل، والخيبة والخسران لمن أعرض وغفل، فيا من أراد الرجوع إلى مولاه فهذا شهر التوبة والندم، وهذا هو شهر الصدقة وصلة الرحم، وهو أيضاً أحد الأشهر الحرم التي ميزها الله تعالى وبينها بقوله عز من قائل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}⁣[التوبة: ٣٦]، فهل من باك فيه على زلل؟ وهل من تارك قبيح عمل؟ وهل من مُقْصِرٍ من طول أمل؟ وهل من خائف من الله ø؟

  أين الأجسام العاملة؟ وأين الشفاه الذابلة؟ وأين الأعناق الخاضعة؟ وأين القلوب الراجفة؟ أين المتململ من ثقل الأوزار؟ وأين الحذر من سوء المنقلب وكشف الأسرار؟ أين المستعد ليوم تعظم فيه الفضائح؟ وأين المجتهد على زجر نفسه عن ارتكاب القبائح؟