درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

في فضل رجب وفيها ذكر إسلام أهل اليمن ومولد أمير المؤمنين #

صفحة 148 - الجزء 1

  هذا اليوم شيئًا، وإنما يعتبرون ذلك عادة موروثة، والحقيقة أن أسباب هذا العيد العظيم أن أهل اليمن أسلموا على يدي أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه صلوات رب العالمين، فأقام لذلك عيداً سعيداً وجاء بالمدائح والثناء على أهل اليمن شعراً ونثراً، وأرسل إلى النبي ÷ يخبره بذلك فسجد النبي ÷ شكراً لله على هذه النعمة العظيمة، ولم يسجد لإسلام أي بلد أو شعب أسلم غير أهل اليمن، ودعا لهم النبي ÷ بخير؛ ولهذا فإن أهل اليمن مدينون للنبيء ÷ ولوصيه أمير المؤمنين # من حقهم أن لا يخالفوا لهم أمراً أبداً، وأن يستجيبوا لله ولرسوله، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}⁣[الأنفال: ٢٤].

  فهذه الجمعة لها فضل عظيم وكل أيام هذا الشهر ولياليه، فعلينا أن نهيئ أنفسنا للطاعات وأن نؤدي فيه الشكر الكثير على هذه الموهبة التي حضي بها اليمن وأهله، نسأل الله أن يعيننا على أداء شكره وذكره وحسن عبادته إنه سميع مجيب.

  واعلموا أن يوم الثالث عشر من هذا الشهر هو يوم ذكرى مولد أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه صلوات رب العالمين، الذي لم يسبقه الأولون، ولم يدركه الآخرون، أقرب الناس إلى رسول الله ÷ نسباً وأولهم إيماناً بالله ورسوله، من جاهد مع رسول الله ÷ ووقاه بنفسه، طاب مولده وعظم جهاده وربحت تجارته، وهو الذي استقام به الإسلام وانتظم الإيمان، واتضحت به أعلام السبل، قصم الله به كل جبار عنيد، وأذل به كل ذي بأس شديد، وحطم به حصون الشرك، وشرف الله مقامه وأعلى مرتبته، وقد يصحب ميلاد بعض العظماء خوارق وكرامات، إعلاماً من الله ø بشأن المولود وعظمته وعلو شأنه عند الله، والقرآن الكريم يقص علينا ولادة يحيى بن زكرياء وعيسى بن مريم $، كما أن مولد الرسول محمد ÷ قد اقترن بمعجزات وخوارق، فقد خمدت نار فارس، وسقطت شرفات إيوان كسرى، وانتكست الأصنام.