درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

خطبة فيها ذكر ليلة النصف من شعبان

صفحة 158 - الجزء 1

  فجدوا عباد الله في الأعمال الصالحة، أقيموا الواجبات واجتنبوا المحرمات، واغتنموا في هذه الأيام ما نُدبتم إليه من الطاعات، وقدموا لأنفسكم ما يبلغكم إلى أرفع الدرجات، فأنتم في مواسم الخير والمغنم، أنتم في شهر شعبان المكرم، الذي نسبه رسول الله ÷ إلى نفسه فقال: «رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي»⁣(⁣١).

  كما أننا في استقبال الثلاث البيض منه، ولها فضل عظيم في هذا الشهر وفي غيره من الشهور؛ إذ قد روي عن رسول الله ÷ أنه قال: «صيام الدهر ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة من الشهر»⁣(⁣٢) من كل شهر، وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها، فصيام كل يوم بعشرة أيام {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٢١}⁣[الحديد].

  أما تلكم الليلة العظيمة ليلة النصف من شعبان فيا لها من ليلة عظيمة البركات، طيبة الأوقات، غزيرة الخيرات، لمن قام بحقها وأدى الأعمال الصالحات واجتنب الغفلة والملهيات، وقد جاء في فضلها وفضل نضائرها من الليالي العظيمة ما روي عن رسول الله ÷ أنه قال: «أربع ليالي هن كأيامهن، وأيامهن كلياليهن، يجزل الله فيها القسم، ويعطي فيها الجزيل: ليلة الجمعة، وصبيحتها، وليلة النصف من شعبان وصبيحتها، وليلة القدر وصبيحتها، وليلة عرفة وصبيحتها»⁣(⁣٣).

  أما فيما يخص هذه الليلة العظيمة فقد جاء عن رسول الله ÷ أنه قال: «أتاني جبريل في ليلة النصف من شعبان فقال: يامحمد، ارفع رأسك. فقلت: ماهذه الليلة؟ قال: هذه ليلة يفتح فيها أبواب السماء. فقلت: ياجبريل، وماهذه الليلة؟ قال: يفتح فيها ثلاث مائة باب من الرحمة فيغفر الله لجميع من لايشرك


(١) تقدم تخريجه.

(٢) تقدم تخريجه.

(٣) رواه الإمام أبو طالب في أماليه عن أنس.