درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[خطبة في شهر القعدة فيها نصائح عظيمة وترغيب في الحج]

صفحة 205 - الجزء 1

  وإن شاء نصرانياً، وإن شاء مجوسياً، أو على أي ملة شاء»⁣(⁣١).

  وكأنه يريد ÷ أنه لا يقوم مقام هذه الفريضة أي شيء مهما كان.

  ثم إن لهذا الشهر حرمة عظيمة؛ ولذلك قدمه الله ø في ميقات كليمه ورسوله موسى بن عمران #، وعناه الله مع العشر الأولى من ذي الحجة بقوله ø: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}⁣[الأعراف: ١٤٢].

  فاغتنموا أيها العباد طاعة الله، وقدموها على ما سواها من الأعمال الدنيوية، فإنها أيام وأشهر تضاعيف الحسنات، وتضرعوا فيها إلى الله وتوبوا إليه وادعوه مخلصين فإنها أزمنة إجابة الدعوات، واستعتقوا فيها رقابكم فهي أزمنة عتق الرقاب والعفو عن السيئات، لمن تاب وأناب إلى الله واستبدل الأعمال القبيحة بالأعمال الصالحات.

  ومن المؤسف أن الحج في هذا الزمان قد تعسر جداً! وقد جارت التكاليف إلى حد، ولكن الوجوب لم يسقط على المستطيعين، فبعض الناس قد يمتلك أموالاً كثيرة ولكنه لا تطيب نفسه أن يبيع من تلك الأموال ليؤدي هذه الفريضة العظيمة، وقد يظن بعضهم أنه غير مؤاخذ.

  فليعلم كل مستطيع أن الحج مضيق عليه وأنه سيندم إما في الدنيا إذا تعذر الحج وقد تمكن واستطاع ولكنه تساهل، ففي الأثر: «حجوا قبل أن لا تحجوا»⁣(⁣٢).

  أو في الآخرة حينما يترك الفريضة وهو متمكن، فإذا مات تقسموا أمواله ولم يحجوا عنه، أو استأجروا من لا يؤدي المناسك كما أراد الله أن تؤدى، وقد جاء في الأثر ما معناه: «من لم تحبسه حاجة ظاهرة أو سلطان جائر ومات فلم يحج فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً»⁣(⁣٣).


(١) رواه الأمير الحسين في شفاء الأوام

(٢) رواه الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان # في أصول الأحكام، ورواه العنسي في كتاب الإرشاد.

(٣) رواه الأمير الحسين في شفاء الأوام بلفظ: «من لم يمنعه من الحج مرض حاجز، أو سلطان جائر، أو حاجة ظاهرة، حتى مات فليمت يهودياً أو نصرانياً».