الخطبة الثانية عند قدوم يوم عرفة
الخطبة الثانية عند قدوم يوم عرفة
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﷽
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي فضل يوم عرفة على سائر الأيام، وجعله موسماً لعتق الرقاب ومتجراً لنيل الإفاضات والمواهب الجسام، لا إله إلا هو يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، أحمده وأشكره على ما أفاض به من النعم الجزيلة الجليلة وأستغفره من جميع الذنوب.
  وأشهد أن لا إله إلا الله المتفضل بجميل الهبات، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.
  عباد الله، نتواصى بتقوى الله وطاعته، أيها المؤمنون، نحن في أيام مباركة عظيمة وهي أيام العشر التي أقسم الله بها في كتابه العزيز حين يقول: {وَالْفَجْرِ ١ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ٢}[الفجر]، وهي الأيام المعلومات التي حثنا على ذكره فيها حين يقول: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}[الحج: ٢٨].
  أيها المؤمنون، ولقد أطل علينا يوم عظيم ووافد كريم، ألا وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة الحرام، وهو اليوم الموسوم بيوم عرفة، فضله الله على سائر الأيام، وجعله موسماً لعتق الرقاب ومغفرة الرب التواب، فقد روي عن رسول الله ÷ أنه قال «أفضل الدعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له»(١).
  أيها المؤمنون إن من أبرز خصائص الإسلام أنه رفع شأن الإنسان وأعز منزلته فجعله خليفة الخالق وسيد المخلوقات، يعمر الأرض والنفوس بالعمران وبالإيمان، وذلك حين شرفه بالفرائض وأمره بالتكاليف الشرعية، وأوجب
(١) تقدم تخريجه.