[موعظة ودعاء في العزاء]
[موعظة ودعاء في العزاء]
  
  الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين، الحمد لله الذي لا تدركه العيون ولا تحيط بحقيقة ذاته الأوهام والظنون، ليس بذي جسم ولا حركة ولا سكون، يعلم سبحانه ما هو كائن قبل أن يكون، كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون، تفرد سبحانه بالبقاء والدوام، وقهر بالموت جميع الأنام، وأحكم أفعاله وهو بديع الإحكام، وأنزل على نبيئه في كتابه المكنون: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ٣٠}[الزمر].
  أحمده على ما تفضل به علينا من الإنعام والجود، حمداً يسوق إلى طاعته ويقود.
  وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد المعبود، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي برئت بمسح كفه الآلام، وسبحت براحته الأحجار، وشق له بدر التمام، وحنت إليه الأشجار، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين ما مالت في الرياض غصون، وعلى أخيه والإمام من بعده، الذي طوقت بولايته الأعناق، وصح أن حبه إيمان وبغضه من أشد النفاق، فاتح باب خيبر وقد أعيا الصحابة منه الإغلاق، المنزل منه بمثل ما نزل من موسى أخوه هارون، وعلى زوجته فاطمة الزهراء البتول، وعلى ولديهما الأعظمين سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين، ريحانتي قلب الرسول، وعلى الآل الذين ودادهم بالرضوان موصول، وعلى التابعين الذين يهدون بالحق وبه يعدلون.
  أيها الناس، إلى متى أنتم في الدنيا تلهون وتلعبون؟ وإلى متى أنتم في سكرات أهوائكم تعمهون؟ كم عاينتم من إنسان صرعته سهام المنون، بينما هو في رغد عيش فإذا هو في التراب مدفون، {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ٦٨}[ص]، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
  أليس ما تلدون فللموت؟! وما تبنون فللخراب؟! فلا تغرنكم زخارف