درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[موعظة ودعاء في العزاء]

صفحة 277 - الجزء 1

  الدنيا فإنما هي كسراب، وإنما هي منكوح وملبوس، ومطعوم ومشروب، فالمنكوح للفناء، والملبوس للبلاء، والباقي لما تعرفون {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ٦٨} وإنا لله وإنا إليه راجعون.

  أين من خزن ذخائر الأموال وجمعها؟! وأين من شيد أبنية القصور ووسعها؟! أين من فسح أفنية الدور وعظمها؟! إنهم الآن أسارى في ضيق لا يفكون {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ٦٨} وإنا لله وإنا إليه راجعون.

  أين من جنّد الجنود والعساكر؟! أين فصحاء الكلام وخطباء المنابر؟! أين أرباب الرماح والسيوف البواتر؟! لقد هلكوا ولم تغنهم العُدد والحصون، {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ٦٨} فإنا لله وإنا إليه راجعون.

  وسكنوا بعد سعة القصور ضيق الحفر، واستبدلوا عن الحرير خشونة المدر، واللهِ إن في هذا لمواعظ وعبر، قد حيل بينهم وبين ما يشتهون {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ٦٨} فإنا لله وإنا إليه راجعون.

  فكيف بكم إذا متم ودفنتم وتركتم في اللحود؟ وخلاكم ربنا القاهر زاداً للدود، وامتحت منكم محاسن الوجوه، وتمزقت الجلود، وصار كل واحد بما كسبه مرهونًا {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ٦٨} فإنا لله وإنا إليه راجعون.

  أم كيف بكم إذا نودي للجمع بعد الشتات؟! ورد الله الأرواح إلى الأجساد وأحيا الرفات، وهم من كل حدب ينسلون، {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ٦٨} فإنا لله وإنا إليه راجعون.

  فيا غافلاً عن خطوب الخطر، ليت شعري أقلب بين جنبيك أم حجر؟! ما لها غابت العقول ومالت الفكر، {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ٦٨} فإنا لله وإنا إليه راجعون.

  ثم إذا عُرضت الخلائق على رب الأرباب، ودعي كل إنسان للمناقشة والحساب، وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب، وجيء بالنبيين