درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

رسالة إلى شيعة محمد وآله

صفحة 283 - الجزء 1

  كتاب الله وعِتْرَتِي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض»⁣(⁣١). وهذا الحديث من أوثق الأحاديث النبوية ومن أشهرها بين المسلمين وقد اهتم به العلماء اهتماماً بالغاً؛ لأنه يحمل جانباً مهماً من جوانب العقيدة الإسلامية.

  ويدل أيضاً على حصر الإمامة في أهل البيت دون غيرهم، ويدل أيضاً على عصمة جماعتهم حيث قرنهم بالكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويدل كذلك على بطلان من يحصر الإمامة أو أهل البيت في الخمسة أهل الكساء À وعلى بطلان قول من يحصر الإمامة في الاثني عشر على حسب قول الإمامية، وقد كرر النبي ÷ هذا الحديث أو ما يتضمنه في مناسبات عديدة، وذلك لأنه يهدف إلى أمر هام؛ وذلك صيانة الأمة الإسلامية إن عملت بذلك وتمسكت بالثقلين حق التمسك.

  ويهدف أيضاً إلى استقامتها وعدم انحرافها في المجالات العقائدية إن عملت بالوصية النبوية الشريفة، وهي الحث على التمسك بالقرآن وقرنائه قولاً وفعلاً، ولم تتقدم عليهم ولم تتأخر عنهم، وقد شبههم النبي ÷ بباب حطة؛ لأن الله تعالى جعل ذلك الباب مظهراً من مظاهر التواضع لجلال الله والرجوع لحكمه، ولهذا كان سبباً للمغفرة، فكذلك أهل البيت $ جعل الله طاعتهم ومتابعتهم والانقياد لهم - جعل الله ذلك مظهراً من مظاهر التواضع لجلال الله، ولذلك كان سبباً لنجاة من تواضع واستسلم لأمر الله وأمر رسوله وتمسك بهم، فهذه الأمة ابتليت بهم لما


(١) ذكره الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة متصلاً بما قبله قال: قال رسول اللّه ÷: «أمة أخي موسى افترقت إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت أمة أخي عيسى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي من بعدي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة إلا فرقة واحدة، فلمّا سُمِع ذلك منه، ضاق به المسلمون ذرعاً، وضجُّوا بالبكاء، وأقبلوا عليه، وقالوا: يا رسول اللّه، كيف لنا بطريق النجاة؟ وكيف لنا بمعرفة الفرقة الناجية حتى نعتمد عليها؟ فقال ÷: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً، كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبَّأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»، قال: والأمة مجمعة على صحة هذا الخبر، وكل فرقة من فرق الإسلام تتلقاه بالقبول.