كل ذي نعمة محسود
  فاسقاً لا يرضيه من حياة الفسق إلا أن تتلاقى عنده أطرافها، فكان حديثاً من أحاديث المجون والاستهتار والخنا، حتى اشتهر بهذا وبرز وساح اسمه يطوف في الأندية والمجالس.
  ويحكي المؤرخون عن حرب: أنه كان يتعمد العدوان على ضعفاء الملمين بمكة ويبتزهم بضائعهم وأموالهم، ومرة كان قد تهدد خلف بن سعد التميمي أن يمنعه عن مكة، فخاف التميمي من ذلك التهديد، فأشار عليه بعض أصحابه أن يستجير بسيد قريش عبدالمطلب أو بابنه الزبير، فركب ناقته حتى وصل إلى مكة في هزيع من الليل، فوقف على باب الزبير بن عبدالمطلب وأناخ ناقته وحط رحله على باب أعز الناس جاراً وأحماهم أنفاً، وما إن رغت الناقة حتى خرج الزبير بنجدته وفُتُوَّتِه وكرمه فقال: «أمستجير فتجار، أم طالب قرى فتقرى؟» فإذا التميمي يندفع ويملي قصيدة شعرية يقص فيها ما وقع فيقول:
  لاقيت حرباً بالثنية مقبلاً ... والليل أبلج نوره للساري
  فعلا بصوتٍ واكتنى ليروعني ... ودعا بدعوة معلن وشعار
  فتركته خلفي وجزت أمامه ... وكذاك كنت أكون في الأسفار
  فمضى يهددني ويمنع مكة ... أن لا أحل بها بدار قرار
  تركته كالكلب ينبح وحده ... وأتيت قرم مكارم وفخار
  ليثاً هزبراً يستجار بقربه ... رحب المباءة مكرماً للجار
  وحلفتُ بالبيت العتيق وحجه ... وبزمزمٍ والحِجْرِ والأستار
  إن الزبير لمانعي بمهندٍ ... صافي الحديدة صارمٍ بتار
  فقال الزبير: اذهب إلى البيت فقد أجرتك.
  ولما كان من الصبح دعا أخيه الغيداق فتقلدا سلاحهما وأمرا التميمي أن يتقدمهما إعزازاً له وتحدياً للطاغية قائلين له: «إنا إذا أجرنا رجلاً لم نمش أمامه فامش أمامنا ترمقك أبصارنا كي لا تُختلس من خلفنا» حتى وصل المسجد الحرام ولقيه حرب متهدداً وإذا بصوت الزبير: أتهدد من أجرتُ يا حرب؟ ففر